تعتبر الواسطة هي دعم غير عادل لفرد أو مجموعة من موظف أو صاحب مسؤولية، بحيث يتم تفضيل المصلحة الخاصة على المصلحة العامة ومصلحة هؤلاء الأفراد على مصلحة أفراد آخرين قد تكون كفاءتهم أكبر وخبراتهم أعلى.
تنشط الواسطات والمحسوبيات في المؤسسات والشركات، التي تعاني من فساد إداري، حيث يعتقد أفراد تلك المؤسسات بسلامة السلوكيات الفاسدة ويسوقونها على أنها طريقة دعم طبيعي لبعض الأفراد، وقد يذهب البعض لتسويقها على أنها شفاعة حسنة.
ولكن شتان بين الشفاعة الحسنة والواسطة، حيث تعتبر الشفاعة الحسنة سبيلا لإيصال صوت الضعفاء للمسؤولين أو أصحاب القرار لضمان حصولهم على حقوقهم بينما تسلب الواسطة الضعفاء والمظلومين حقوقهم.
ولكن السؤال هنا الذي يطرح نفسه لماذا ننتقد الواسطة بشدة ولكن نحبها عندما تيسّر لنا أمرا وتحقق لنا مكسبا؟
جواب هذا السؤال يجول في خواطرنا جميعا، فالبشر مفطورون على الخير والشر هو مكتسب نتيجة الظروف المحيطة ومرد الواسطة هو عدم تحقيق تكافئ الفرص بين الناس وتعطيل بعض الموظفين لمصالح المواطنين حتى لو كانت جميع الأوراق والمتطلبات موجودة.
وسببه وجود الواسطة حتى لأبسط الأمور؛ لأن فكرة الواسطة ترسخت لدى البعض لدرجة قد تدفعهم بالبحث عنها لتيسير أمور بسيطة جدا لا تحتاج أساسا لواسطة.
إذا ما الحل؟
يُقال إن أولى خطوات حل أي مشكلة تكون بمواجهة هذه المشكلة والاعتراف بوجودها وكوننا جميعا متفقين أن الواسطة هي شيء سلبي ومرض اجتماعي يجب علاجه، فيجب تجريمها شرعيا وقانونيا من حيث التنويه على أثرها ومخاطرها على الفرد وعلى الوطن ككل أما من الناحية القانونية فيجب سن قوانين رادعة تمنع الواسطة أو تسهلها.
فمثلاً في المملكة العربية السعودية تم وضع قوانين تعاقب وتجرم الواسطة كما جاء في نص القانون التالي:
«كل موظف عام أخل بواجبات وظيفته بأن قام بعمل أو امتنع عن عمل من أعمال تلك الوظيفة نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة يعد في حكم المرتشي ويعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على مائة ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين».
وحتى نقيس أثر الواسطة بالأرقام ذهبنا إلى استطلاع للرأي قامت به مجموع غالوب العالمية المتخصصة بهذا الشأن.
حيث قامت بطرح السؤال التالي:
هل توافق أو تخالف العبارة التالية: معرفة أناس في مراكز عالية أمر ضروري للحصول على وظيفة (الواسطة)؟
وجاءت النتيجة لافتة للنظر، حيث كانت نتيجة الاستطلاع أن أكثر من 70 % من المشاركين أقروا بضرورة معرفة واسطة للحصول على وظيفة.
وفي الختام قديما قال الإمام الشافعي:
بقدرِ الكد تكتسب المعالي..... ومَن طلب العلا سهر الليالي
ومَن رام العلا من غير كد....... أضاع العمر في طلب المحال
أما في وقتنا الحاضر، فتبدل القول إلى:
بقدر المعارف تكتسب المعالي.... ومَن طلب العلا دبر واسطة!!!
@baderalsiwan