الرحمة المتبادلة بين الناس تجعل الجسم ينعم بالهدوء والنشاط بفضل الطاقة النظيفة المنبعثة من القلب، أما الغضب والغيظ والخوف، فهي مشاعر تشحن القلب بطاقة منخفضة، وعندما تتعاطى القسوة في تعاملك مع شخص ما فأنت من سيتعذب أولا وليس الآخر وحده، وحين تتواصل برحمة فإنك تتعاطى مع ذاتك برحمة في الوقت عينه، وكلما ارتقى مستوى وعيك بمشاعرك سوف تتنبه إلى ما تشعر به ولتأثير هذا الثنائي في حالتي وجود الرحمة وغيابها، وتعي مدى الإساءة التي تلحقها بجسمك عندما تغيب الرحمة عن مشاعرك وسلوكياتك، وفي المقابل كلما فتحت صدرك لإخوتك في الإنسانية، وتعرفت لمشاعرهم بدون خوف فسيشكل هذا الأسلوب قاعدة راسخة لنموك الروحي، أما عندما لا تتيح لنفسك سماع ما يرغب الآخرون في قوله، فإنك تدير ظهرك للفرص المقدمة لك من أجل اكتشاف قوة الرحمة في قلبك، ولهذا فلا سبيل أمامك للنمو سوى التفاعل بشجاعة في علاقاتك مع الآخرين، وفي كل مرة تشعر بسيطرة الأحاسيس السلبية عليك توقف لحظة وتنبه إلى ما تشعر به وحاول التخلص منه بصورة واعية، بأن تسأل نفسك عما تشعر به، وما السبب وراءه أو ما هي جذوره، واذهب إلى تلك الجذور واعمل على اقتلاعها، وتذكر دوما بأن الثقة تسمح لك بالعطاء، والعطاء زاخر، فكما تعطي فهكذا سيعطى لك، وإن اتسم عطاؤك بالقصور والتقتير وترافق مع إطلاق الأحكام على المتلقي، فهذا ما ستلاقيه في حياتك من القصور والتقتير والأحكام، فما تقوله للآخرين سوف يحدث لك بالتحديد، وكلما رغبت في مساعدة الآخرين والتعاطف معهم ستجد مثلها في المقابل، فإن كنت تشع حبا ورحمة سوف يعود ذلك عليك بالحب والرحمة، وإن كنت تشع خوفا وارتيابا وميلا إلى التربص بمَن حولك فسوف تجذب إلى نفسك الأمور السلبية؛ لأن هذا ما أرسلته، فالثقة تسمح بالهناء، وعندما تبتعد عن المراوغة والتلاعب وتثق بكرم الله، وبأنه خبير حكيم باحتياجاتك، سيغدق عليك من هدايته وإرشاده وتوفيقه، وعلى الرغم من أن كل ما تلاقيه أو تفعله في كل لحظة ملائم ومتكامل مع ما تحتاج إليه الروح في تطورها، فإن خياراتك هي التي تحدد شكل تجاربك، فأنت الذي تختار أن تبقى في حالة من الاستياء والرفض، أو تنهك نفسك بالغضب والحزن، أو أن تتخلى عن كل تيارات الطاقة السلبية هذه، فكل خيار تقوم به كأن تبقى غارقا في السلبية أو أن تثق فيما تقدمه لك الحياة يخدم تماما تطور روحك، ولا يمكنك التراجع عن السير في طريق التطور، والخيار الأوحد أمامك هو في السير واعيا على طريق القوة الحقيقية، فاسمح لنفسك بأن تكون واعيا لما تشعر به واعط لذاتك لاختيار السلوك الأكثر إيجابية في كل لحظة، وفيما تتخلص بوعي من الطاقة السلبية وتدعم نياتك بما يشير به قلبك، وفيما تتحدى مخاوفك وتتخلى عنها وتختار الشفاء، فإنك تضع شخصيتك في خط متراصف مع روحك، وتتقدم في رحلة تحولك لكيان راق من التواضع والتسامح والأمان الداخلي، وستتجذر فيك القوة الروحية لتجذب نحوك أناسا يشبهونك بقلوبهم المنفتحة، وعوضا عن أن تكون روحا داخل جسد ستصبح جسدا بداخل روح، وستنال المزيد من روعة النضج الروحي.
@LamaAlghalayini