وأشار إلى أن هدف هؤلاء المهاجرين واضح وضوح الشمس وهو الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي الغنية مثل ألمانيا أو فرنسا أو بلجيكا في أقرب وقت ممكن.
وأضاف: لكن التوترات الناجمة عن حرب باردة جديدة مرعبة تعني استخدام هؤلاء اللاجئين اليائسين من الشرق الأوسط كبيادق في لعبة جيوسياسية.
مجرد أداة
ومضى ميكوفيتش يقول: بالنسبة لرئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، فإن المهاجرين مجرد أداة.
وأردف: لقد جلبهم الرئيس البيلاروسي إلى بلاده من أجل معاقبة الغرب على العقوبات التي فرضها على مينسك في أعقاب قمع الاحتجاجات الجماهيرية في 2020 واعتقال المعارض رومان بروتاسيفيتش في مايو.
ولفت الكاتب إلى أن سياسته بسيطة للغاية، حيث كلما زاد عدد القيود التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على بيلاروسيا، زاد عدد المهاجرين الذين سيتحملونهم، واستطرد: لكن بروكسل لا تنوي التراجع، وافق الاتحاد الأوروبي مؤخرا على فرض عقوبات إضافية على بيلاروسيا، وبينما لا تزال التفاصيل النهائية قيد التفصيل، فمن المتوقع أن تستهدف نحو 30 فردًا وكيانًا بما في ذلك وزير خارجية البلاد وشركة الطيران البيلاروسية بيلافيا، من جانبه يهدد لوكاشينكو بالرد بقطع إمدادات الغاز عن أوروبا.
وحذر الكاتب من أن مثل هذا الإجراء سيكون له بلا شك تأثير خطير على القارة بأكملها نظرًا لأن روسيا خفضت بالفعل إمدادات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي، مما أدى إلى زيادة هائلة في أسعار الطاقة.
ومضى يقول: مع ذلك، نظرًا لأن خط أنابيب الغاز الطبيعي «يامال-أوروبا» الذي يمر عبر الأراضي البيلاروسية مملوك لشركة «غازبروم» الروسية العملاقة للطاقة، لا يمكن للوكاشينكو إيقاف نقل الغاز ما لم يحصل على الضوء الأخضر من موسكو.
وتابع: إذا قرر الكرملين رفع المخاطر ووافق على قرار لوكاشينكو، فقد يصبح انقطاع التيار الكهربائي في العديد من الدول الأوروبية حقيقة واقعة. وأردف: لأنه يدرك تمامًا أن أزمة المهاجرين يمكن أن تتصاعد وأن يكون لها عواقب وخيمة، فقد بدأ الغرب بالفعل في الضغط على روسيا للحد من تصرفات لوكاشينكو.
وبحسب الكاتب، يقال: إن الاتحاد الأوروبي يستعد لفرض عقوبات على شركة الطيران الروسية الحكومية «إيروفلوت» بسبب الوضع على الحدود البولندية البيلاروسية.
عبور الحدود
ويواصل الكاتب قائلا: تشير بعض التقارير إلى أن قادة الاتحاد الأوروبي يعتقدون أن «إيروفلوت» تنقل المهاجرين من الشرق الأوسط إلى مينسك، الذين يحاولون بعد ذلك عبور الحدود البولندية، لكن شركة الطيران تنفي بشدة هذا الادعاء.
وأضاف: إذا فرضت بروكسل بالفعل مثل هذه العقوبات على الشركة الروسية، فقد يرد الكرملين بحظر مرور شركات الطيران الغربية فوق الأراضي الروسية، مما سيؤدي بلا شك إلى زيادة أسعار تذاكر الطيران للعديد من الوجهات.
وأشار إلى أن الخطوط الجوية التركية أخذت التهديدات الأوروبية لشركة «إيروفلوت» على محمل الجد، حيث أكدت الشركة أنها لم تعد تقبل مواطنين عراقيين وسوريين ويمنيين على متن رحلاتهم إلى مينسك، باستثناء حاملي جوازات سفر دبلوماسية.
وتابع: في الواقع، بعد أن ضغط الاتحاد الأوروبي على العراق لتعليق جميع الرحلات الجوية إلى بيلاروسيا، بدأ معظم المهاجرين في السفر إلى مينسك عبر إسطنبول، الآن بعد أن تم قطع الطريق التركي، ورد أن السلطات البيلاروسية تخطط لزيادة عدد الرحلات الجوية من العديد من دول الشرق الأوسط إلى الجمهورية السوفيتية السابقة.
ولفت إلى أنه من المتوقع أن يواصل الغرب محاولة منع مثل هذه الترتيبات، ولكن إذا ظل لوكاشينكو مصمما على الاستمرار في الانتقام من عقوبات الاتحاد الأوروبي، فيمكنه جلب المهاجرين من آسيا الوسطى، أو حتى من جمهورية الشيشان الروسية، إلى حدود الاتحاد الأوروبي. ومضى يقول: تبني بولندا، وكذلك ليتوانيا ولاتفيا، الحواجز على طول حدودها مع بيلاروسيا، يظهر التاريخ الحديث أن مثل هذا الإجراء يمكن أن يكون فعالا للغاية، ففي 2017، أكملت الحكومة المجرية إقامة سياج من الأسلاك الشائكة على طول حدودها مع صربيا، وكانت النتيجة انخفاضًا في محاولات المهاجرين لدخول الاتحاد الأوروبي بشكل غير قانوني.
حرب باردة
وأوضح المحلل الصربي أن لوكاشينكو إذا لم يتوقف عن خوض حرب باردة مع الاتحاد الأوروبي، فيمكنه إعادة توجيه اللاجئين جنوبًا إلى أوكرانيا، وسيحاول طالبو اللجوء بعد ذلك الذهاب إلى بولندا أو سلوفاكيا أو حتى المجر في طريقهم إلى الدول الأوروبية الأكثر ثراء.
وأردف: من وجهة نظر بيلاروسيا، دمرت الإجراءات الغربية في الشرق الأوسط العديد من البلدان ويضطر المهاجرون الآن إلى البحث عن حياة أفضل في أماكن أخرى.
وأشار إلى أن هذا هو السبب في أن السلطات البيلاروسية تذكّر الاتحاد الأوروبي باستمرار بأنه قبل المبدأ القائل بأنه إذا فر شخص ما من منطقة حرب ووصل بطريقة أو بأخرى إلى ألمانيا أو فرنسا أو أي عضو آخر في الاتحاد الأوروبي، فيمكنه التقدم بطلب للحصول على وضع اللاجئ. وأضاف: كما اتهمت روسيا عبر وزير خارجيتها سيرغي لافروف، الاتحاد الأوروبي بازدواجية المعايير، مدعية أنه عندما كان اللاجئون يصلون إلى أوروبا من الأراضي التركية، خصصت بروكسل أموالا لإبقائهم في تركيا، بعبارة أخرى، اقترح لافروف صراحة أن يدفع الغرب للوكاشينكو لوقف إرسال المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي.
وأشار إلى أن مثل هذا الخيار لا يبدو واقعيا جدا، موضحا أنه من وجهة نظر الاتحاد الأوروبي، فإن أي تنازلات لبيلاروسيا، سواء كانت مساعدة مالية أو رفع العقوبات، ستُفسر على أنها علامة ضعف.
وتابع: لهذا السبب يرفض الغرب التفاوض مباشرة مع لوكاشينكو، ويركز على الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأوضح أن ليس دمية بوتين، بغض النظر عن مدى اعتماد بلاده على روسيا، مشيرا إلى أن بين الزعيمين تاريخ من والخلافات، خاصة فيما يتعلق بترتيبات الطاقة، حيث كان لوكاشينكو يسعى دائمًا للحفاظ على أكبر قدر ممكن من سيادة بيلاروسيا.
واختتم: كما قال بوتين بنفسه مؤخرًا، فإن الرئيس البيلاروسي مفاوض صعب المراس، الاتحاد الأوروبي يتعلم ذلك بطريقة صعبة.