هل تتمنى أن تكون بأخلاق والديك؟ تم طرح هذا السؤال في شبكات التواصل الاجتماعي وكانت الإجابات حسب كتابة المشاركين من الشباب والبنات كالتالي: فالجواب الأول: نعم أتمنى وبكل فخر، والجواب الثاني: أبي نعم وبكل فخر، أما أمي فلا وألف لا، والجواب الثالث: في الأخلاق ما أبي أصير مثلهم، ولكن في قوة شخصيتهم نعم، والجواب الرابع: زي أمي نعم، أما زي أبوي فلا، ولكني أحبه، والجواب الخامس: يا ريت أكون مثلهم، الله يرحمهم، فقد كانوا قدوة لي، والجواب السادس: لا للأسف لأن أمي علمتنا أحسن الأخلاق لكن شخصيتها سيئة جدا فدائما تشك بنا وتراقبنا طول النهار، والجواب السابع: فخر لي أن أكون نسخة منهما وخاصة في طيبتهما وصفاء قلوبهما، والجواب الثامن: لا للأسف لأن كل همهما كان أننا نكبر ونتزوج ولم يهتما بتطوير مهاراتنا وتنمية شخصيتنا، والجواب التاسع: لا لأنهما عصبيان ولا يتفاهمان معنا أبدا ولا يسمعان كلامنا، والجواب العاشر: لا لأن أمي قاسية جدا وأبي شخصيته ضعيفة وما عنده كلمة بالبيت.
وفي بعض المشاركات كانت إجاباتهم معبرة، فقد أجاب أحد المشاركين بأني أول ما قرأت السؤال قلت لا، ولكني لما بدأت أكتب ظهرت عندي بعض إيجابياتهما، فأمي شخصيتها حلوة ولكن من شدة حرصها على تعليمنا بمدارس أجنبية جعلتنا لا نحسن قراءة القرآن بسبب ضعفنا باللغة العربية، فخسرنا ديننا وربحنا دنيانا، أما أبي فلا كلمة له أمام أمي، ودائما غائب عن البيت، وقال آخر: لا أتمنى لأنهم لا يحسنان حل مشاكلنا وكانت تربيتهما لنا قائمة على التفرقة بين الذكور والإناث حتى تفرقنا وكرهنا بعضنا، وقال مشارك: أتمنى وبكل فخر لأنهما كانا يعطياننا فرصة للتعبير عما في أنفسنا فيا لتني أصبح ربع أمي ونصف أبي، وأحد المشاركين كانت مشاركته معبرة فقال: لا، ولا واحد بالمائة منهما، لأن أبى مدمن للمخدرات وأمي تسهر كل يوم مع صديقاتها ولا تأتي للبيت إلا عند منتصف الليل، ومشارك ختم رسالته بقوله: الصراحة لا أمي ولا أبي يفهمان بالتربية، فأنا قرأت وتعلمت ودرست وربيت نفسي بنفسي.
كل هذه المشاركات توضح نظرة الأبناء لوالديهم، وكيف أن بعض البيوت مدمرة من الداخل، ولكن الناس تحكم على الظاهر، فقد يكون الوالدين ناجحين اجتماعيا أو وظيفيا ولكنهما فاشلان تربويا، فليس كل أب أو أم قدوة للأبناء، وأن أبناءهما يتمنون أن يكونوا مثل أخلاقهما وشخصيتهما، فإن غياب القدوة الوالدية ينتج عنها كثرة الجرائم بالمجتمع والانحرافات السلوكية، ولا يشترط أن يكون الوالدان قدوة في كل شيء، لأن القدوة ممكن أن تتنوع وتتجزأ، ولكن مهم أن تكون قدوتهم في الجانب الأخلاقي والإيماني، أما في مجالات الحياة فممكن أن يشركوا معهم قدوات آخرين من الأقرباء والأصدقاء والأهل، مثلما بين لنا رسولنا الكريم ميزة كل صحابي رضي الله عنهم.
فأبو بكر (صديق) وعمر (الفاروق) وعثمان (ذو النورين)، وعلي كان مبدعا ومتميزا في (الشجاعة والرياضيات)، وأبو عبيدة (أمين هذه الأمة)، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم، فكل إنسان له بصمة وميزة، والوالدان عليهما أن يفتشا عن القدوات التي حولهما ويعرفان أبناءهما بها، فقد يكون أحد الأقرباء قدوة علمية أو تجارية أو رياضية أو دينية فنقوي علاقته بالأبناء فيكون قدوة لهم في تميزه، وإذا لم نركز على هذا الجانب التربوي صار قدوة أبنائنا الشخصيات السلبية أو المنحرفة أو المتمردة على القيم والمبادئ والأخلاق.
@drjasem