ووفقا للباحثة المتخصصة ونائب رئيس اللجنة المشكلة من اليونسكو لإعداد لائحة أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، د. جولستان رضوان، فإن تلك التقنيات الهدف منها هو المساهمة في توفير حلول تقنية أسرع تخدم البشرية، من خلال ملايين البيانات التي يمكن تحليلها، لاستنباط الكثير من التوقعات بنسب نجاح مرتفعة للغاية، لتقديم حلول تكنولوجية توافق تلك التوقعات.
وذكرت أن العالم يعمل في الوقت الحالي على الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في الكثير من القضايا المهمة، التي تهدد أمن وسلامة كافة الدول مثل قضية التغير المناخي، ومحاربة الأوبئة والطب، إذ يستطيع الذكاء الاصطناعي اكتشاف ما لا تدركه العين، والتنبؤ باحتمال تأثير المرض وتطوراته على المصاب، خاصة في الأمراض المستعصية كالسرطانات، ونقص المناعة، وأمراض العيون.
دقة وكفاءةوأوضحت د. جولستان أن من بين القطاعات التي يمكن الاستعانة فيها بالذكاء الاصطناعي، التعليم، والزراعة، حيث يمكن من خلاله تحديد الكميات التي يحتاجها النبات للري وحساب تنبؤات الطقس التي تؤثر على نموه، ومواعيد الري بما يضمن الحصول على أفضل جودة للمزروعات، دون إهدار للمياه، أو تأثر النبات بأي عارض، مضيفة إن من بين القطاعات التي يمكن أن يحسن أداءها الذكاء الاصطناعي، أيضا الحفاظ على اللغة والآثار والتراث الإنساني، والمدن الذكية، وغيرها من القضايا الإستراتيجية التي تهم كافة سكان الكوكب.
وأكدت أن تلك القضايا هدفها الأول الحفظ على الإنسان وتيسير حياته بعد رقمنة الخدمات بما يجعل تلك الخدمات أسرع وأكثر دقة وكفاءة، كذلك جعل القرار أسرع، موضحة أن الذكاء الاصطناعي، تقنية بدأ العمل عليها منذ عام 1956، من خلال ثلاثة علماء هم جون ماكارثي، ومارفن مينسكي، وهيربرت سيون، إلا أن وتيرة العمل على تطويرها بدأ في مطلع القرن الـ21 في التسارع مع كثافة البيانات المتاحة والتطور في استخدام الإنترنت.
فرص العملوأشارت الخبيرة العالمية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، إلى أنه بعكس ما هو شائع عن تلك التقنية بأنها ستقضي على الكثير من فرص العمل، لتحل محلها الأجهزة الآلية، فإن تلك التقنية ستضيف 58 مليون فرصة عمل بحلول العام المقبل 2022، موضحة أن هناك بعض الوظائف لن تختفي، ولكن لن تظل على نفس آليات عملها، إذ سيتطلب الاستمرار في ممارستها تطوير آليات عملها وأيضا تطوير قدرات ممارسها، وهنا تجدر الإشارة لأهمية تدريب وتطوير العنصر البشري بما يتماشى مع التطور الذي يشهده العالم.
وأضافت إنه من المتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي بنحو 15 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي بحلول 2030.
التصميم والبناءفي نفس السياق وتأكيدا لما ذكرته د. جولستان، فقد أطلقت جامعة «إي. تي. إتش زيورخ» التقنية السويسرية المشهورة، مشروعا لاستخدام الإنسان الآلي والذكاء الاصطناعي بطرق جديدة في مجال البناء والعمارة.
ويستهدف المشروع تجربة استخدام تقنيات التصميم والتشييد الآلي لمعرفة كيف ستكون طريقة بناء المنازل والمكاتب بعد عشر سنوات من البناء.
والمشروع الجديد عبارة عن منحوتات نباتية عملاقة «حدائق معلقة» مستوحاة من الهياكل الأسطورية لمدينة بابل العراقية القديمة، التي اشتهرت بحدائقها المعلقة.
وأشار موقع تك كرانش المتخصص في موضوعات التكنولوجيا إلى أن المشروع، الذي أطلقوا عليه اسم «سميراميس» على اسم ملكة بابل القديمة، يجمع بين استخدام مصممين حقيقيين وبرامج تصميم آلي تعمل بالذكاء الاصطناعي.
الاشتراطات الأساسية
جاءت الفكرة الأساسية للمشروع من العقول المبدعة للقائمين عليه، وهما أستاذا العمارة فابيو جراميزيو وماتياس كولر.
وتم الحصول على التصميم من خلال وضع الاشتراطات الأساسية مثل حجم الحديقة واحتياجات الري ونمط البناء من مجموعة من نماذج الكمبيوتر وخوارزميات التعلم الآلي.
وبعد الانتهاء من التصميم تمت الاستعانة بعدد من «الإنسان الآلي» إلى جانب بعض العناصر البشرية لتشييد الحدائق المعلقة، حيث تولى أربعة من أجهزة الإنسان الآلي، المزودين بنفس العقل الاصطناعي، نقل العديد من القطع الثقيلة المستخدمة في التشييد، في حين كانت العناصر البشرية تتابع استخدام مادة الراتينج لتثبيت القطع مع بعضها البعض.
تركيبات دوائيةفي قطاع آخر استخدم باحثون في جامعة كولومبيا البريطانية الذكاء الاصطناعي لتكوين 9 ملايين تركيبة دوائية جديدة محتملة، وكان أداء ذكاء الحاسب أفضل مما توقعه العلماء.
وقد تحول عدد من شركات الأدوية الكبرى في العالم بالفعل منذ فترة قريبة، إلى الذكاء الصناعي لتحسين عمليات البحث عن أدوية جديدة، إذ إن أجهزة الكمبيوتر العملاقة الحديثة وأنظمة التعلم يمكن أن تستخدم «للتنبؤ» بسلوك الجزيئات ومدى احتمال النجاح في صنع أدوية مفيدة مما يوفر الوقت والمال والاختبارات التي لا طائل منها.
تقليص التكلفةويقول خبراء إن بعض نظم الذكاء الصناعي يمكنها أن تتوصل إلى الأدوية المرشحة للتصنيع في نحو ربع الوقت المعتاد وبربع كلفة الأساليب التقليدية.
ومؤخرا استخدم الباحثون في جامعة كولومبيا البريطانية (UBC) في كندا شبكة عصبية عميقة، وقاموا بتعليمها تكوين الهياكل الكيميائية للأدوية الجديدة المحتملة، ما جعل الذكاء الاصطناعي ينتج صيغًا لملايين الأدوية المحتملة.
ووفقًا لدراسة الباحثين، كان أداء ذكاء الكمبيوتر أفضل في المهمة مما توقع العلماء.