في تاريخنا العظيم قصة ذكرها الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد لعلماء وليست لأنصاف مثقفين تقول: مرض أبو يوسف - تلميذ أبي حنيفة - مرضا شديدا، فعاده أبو حنيفة مرارا، فصار إليه آخر مرة ووجد المرض قد زاد عليه فاسترجع، ثم قال: لقد كنت أؤملك بعدي للمسلمين، ولئن أصيب الناس بك ليموتن معك علم كثير، ثم رزق أبو يوسف العافية وخرج من العلة، فأخبروا أبا يوسف بقول أبي حنيفة، فسر وارتفعت نفسه، وانصرفت وجوه الناس إليه، فعقد لنفسه مجلسا في الفقه وقصر عن لزوم مجلس أبي حنيفة، فسأل أبو حنيفة عنه، وأخبر أنه قد عقد لنفسه مجلسا، وأنه قد بلغه كلامك فيه، فبعث إليه أبو حنيفة رجلا كأنه سائل يسأله عن مسألة، فقصر أبو يوسف فيها وراح إلى أبي حنيفة يسأله عنها، فعاتبه أبو حنيفة وقال له: (من ظن أنه يستغني عن التعلم فليبك على نفسه).
إذن ما المقصود بما سبق؟ هل تحاربون طموحاتنا؟ متى نتقدم؟
والجواب سهل: تتقدم عندما تتمكن، فإن كان التقدم مطلبا يجب أن يكون بعد التمكن، ويجب أن تكون العلاقة مع التعلم مستمرة وثابتة، فالتعلم مستمر طوال الحياة وكما قال الإمام أحمد بن حنبل للرجل الذي رأى معه محبرة فقال له: يا أبا عبدالله، أنت قد بلغت هذا المبلغ، وأنت إمام المسلمين، ومعك المحبرة تحملها فقال: مع المحبرة إلى المقبرة.
واليوم بعضنا يقول لأولاده: أهم شيء تخلص الثانوية! أهم شيء تخلص الجامعة! فيعتقد البعض أن علاقته بالكتاب والعلم بمجرد الحصول على الشهادة، وبالتالي يبتعد عن مصدر التغذية، فيبدأ عقله في الاضمحلال مباشرة بعد تخرجه.
باختصار: من ظن أنه يستغني عن التعلم فليبك على نفسه، ومن ظن أنه يستطيع التأثير وهو لا يملك الكثير فلتبك عليه البواكي.
@shlash2020