يتوقع الباحثون أن تشهد الثورة الصناعية الخامسة تحولاً رقمياً في العديد من المجالات مرتكزة في ذلك على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وكيف يمكن توظيفهما بشكل متوازن جنباً إلى جنب مع الإمكانيات البشرية في مجالات مختلفة لم يسبق دخولها إليها من قبل معتمدة في ذلك على تقنيات الاتصالات للجيلين الخامس والسادس وآخذة في الاعتبار ما سببته جائحة كوفيد 19 من إغلاق عام على مستوى العالم في فترة من الفترات. كما أنه من المتوقع التوسع في الاستفادة من إمكانيات الإنسان الآلي (الروبوتات) في وظائف جديدة كانت تؤدى سابقاً من خلال البشر فقط.
ولأن صحة الإنسان في قمة الأولويات ومقدمة الاهتمامات دائماً وبناء على ما شهده المجال الطبي من تطور تقني كبير وبشكل تراكمي على مدى الثورات الصناعية الأربع الماضية، فمن المتوقع أن يشهد المجال الطبي استخدام تطبيقات حاسوبية ذكية، كأن يتم الاستفادة من زراعة أجهزة قياس واستشعار ذكية ذات أشكال وأحجام مختلفة في أجسام البشر وخاصة أولئك المرضى الذين يعانون من بعض الأمراض المستعصية ليتم مراقبة العلامات الحيوية والحالة المرضية من قبل الأطباء على مدار الساعة، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى فهم أوسع وأدق عن السلوك المرضي لهم، وبالتالي تفادي الوصول إلى الحالات الحرجة، بل قد يؤدي ذلك إلى تبني بروتوكولات علاجية جديدة.
ومن المتوقع أيضاً أن يحصل حقل التدريب والتعليم على حقه من التطور التقني الذي ستشهده الثورة الصناعية الخامسة، وذلك بإدخال تقنية جديدة تعزز تقنيات التعليم الإلكتروني والتوسع في تطبيق الفصول الافتراضية التفاعلية عن بعد، بالإضافة إلى تقنيات المحاكاة التي توفر بيئات مشابهة إلى حد كبير لما سيواجهه المتدرب والطالب في الحياة العملية دون تعريضهم للخطر مما سيعزز قدراته وإمكانياته.
ونظراً لأن العامل الاقتصادي أصبح هو المحرك الأساس في جميع القرارات الإدارية ومع بداية التوسع في تطبيق مفهوم الإدارة الرشيقة على المستوى الحكومي والخاص فمن المتوقع أن يتم الاستفادة من تقنيات إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والرقمنة والاستشعار عن بعد في تنفيذ العديد من العمليات الإدارية والصناعية المختلفة تشمل عمليات التخطيط والتنبؤ والتصنيع وخطوط الإنتاج والمراقبة والتتبع وصولا إلى توصيل المنتجات والخدمات للعملاء بل وقياس مستوى الرضا وذلك بهدف رفع مستوى الأداء وتقليل الهدر والتكاليف وزيادة الاستجابة والتفاعل مع العملاء وهي أهم مرتكزات الإدارة الرشيقة الحديثة.
ختاماً، فإننا نستطيع القول إن تأثير الثورة الصناعية القادمة لن يقتصر على المكتب والمصنع بل سيتعدى ذلك إلى المنزل والحياة الاجتماعية للبشر وسوف يعزز من مفهوم جودة الحياة.
(@abolubna95)