كل «وقت» يقضيه المجتمع في العمل التطوعي سيكون أثره على المجتمع أضعاف المستهدف منه، وهناك شعوب تدرك مدى وأهمية الوقت في تعزيز شعور الانتماء للمجتمع، والشعور بأهمية مشاركتهم ومساعدتهم ضمن الإمكانيات المتاحة والمتوفرة، وهذا الأمر ينعكس بالتأكيد على صلاح حياة الأفراد والأجيال وتقدمهم اجتماعياً وتعليمياً.
إحدى أجمل المبادرات والتي أتمنى تطبيقها في كل منطقة إدارية بالمملكة هي مبادرة «بنك الوقت» أو ما يُعرف «بالبنك الزمني»، وتنتشر تلك المبادرة في ما يقارب ٣٤ دولة في جميع أنحاء العالم «حسب إحدى الإحصائيات»، ولها وجود مهم في اليابان وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا وسويسرا وألمانيا، وتختلف آلية العمل في تلك البنوك حسب توجهات الدولة أو المستهدف من البنك نفسه، فعلى سبيل المثال في سويسرا يُعتبر هذا البنك كضمان اجتماعي للأفراد، حيث يفتح كل راغب في الاشتراك فيه «حسابا زمنيا» من خلاله يتم احتساب الزمن الذي يقضيه في الخدمة الاجتماعية خصوصاً خدمة المسنين والمرضى الذين لا يوجد لديهم من يرعاهم.
تُعد تلك المبادرة كأداة لتنمية المجتمع من خلال تسهيل تبادل المهارات والخبرات والخدمات داخل المجتمع، وملخص المبادرة بشكل مبسط هو أن كل ساعة من الوقت يتم من خلالها تقديم خدمات للآخرين سيتم اعتبارها كرصيد لك «ساعات متبادلة» في المستقبل للاستفادة من خدمات الآخرين في مختلف المجالات.
«العطاء وَالتلقي» يعتبران الأساس لتوليد الثقة بين أفراد المجتمع، وتفعيل مثل تلك المبادرة بشكل واسع سينعكس بشكل كبير على العديد من القيّم داخل المجتمع مما ينعكس بشكل مباشر على تكوين روابط أقوى بين أفراده، ومن أهم تلك القيم هي النظرة لجميع الأفراد بأنهم أصول بقيمة عالية في المجتمع «الثروة البشرية».
التحول التقني الكبير في المملكة خلال السنتين الماضيتين والذي شهد عليه العالم أجمع سيعزز من تطوير مبادرة كمبادرة «بنك الوقت» في جميع أنحاء المملكة، وما أتمناه من خلال تلك المبادرة هو ربطها كمتطلب إلزامي لجميع الطلاب من خلال تحديد حد أدنى لأرصدة الساعات، وأنا على يقين بتحقيق نجاح مُبهر في هذا المجال خلال مدة قصيرة.
من اطلاع على تفاصيل عن تطبيق مثل هذه المبادرة في المملكة، وجدت تواجدا وحيدا لها ولكن بشكل بسيط تحت إشراف إحدى جهات القطاع الخاص بالتعاون مع إحدى الأكاديميات التطوعية، وكوجهة نظر شخصية أرى أننا نحتاج لتنظيم أكبر لها تحت إشراف وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وذلك بالتنسيق مع إمارات المناطق الإدارية.
ختاماً؛ تأسيس مثل تلك المبادرة في مجتمعنا سيكون لها دور كبير في تحسين جودة الحياة ومعالجة قضية «الخبرات ومستوى المهارات» لحديثي التخرج مما ينعكس ذلك على تقليل معدلات البطالة كما هو مستهدف في رؤية المملكة، فهل سنرى تطبيقها على أرض الواقع قريباً؟.
@Khaled_Bn_Moh