[email protected]
لعل من الصعوبة بمكان القيام بتحديد البدايات الأولى القاطعة للرواية العربية، كما أن من الصعوبة القول بأن العرب لم يعرفوا الرواية إلا في عصرنا الحاضر، فاذا كان «النص» هو المعيار الذي نحدد به الرواية، فإن العرب عرفوا الرواية منذ تدوين أدبهم وتوثيقه، ولعلنا واجدون في «التيجان» لوهب بن منبه ألوانا من النصوص الروائية التي تجلت في هذا الزخم من الحكايات والسير التي جاءت على لسان «وهب»، وكان يسامر بها الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان، ولعلنا واجدون أيضا في «أيام العرب» المليئة بالمواقف الحماسية لونا آخر من ألوان الرواية، غير أن ذلك لا يمنع من القول إن الرواية العربية «الحديثة» عُرفت لأول مرة على يد الدكتور محمد حسين هيكل عندما ظهرت روايته الشهيرة «زينب»، وإن كان البعض يشكك في أن الرواية لا تمثل الانطلاقة الأولى لهذا الفن الأدبي.
ولعل «القاسم المشترك» الذي ظهر في الأعمال الروائية العربية التي جاءت بعد «زينب» هو الخط «البرجوازي» الذي بدا به هيكل إلى أن ظهرت فكرة ارتباط التراث العربي بالرواية، وقد بدأها نجيب محفوظ بروايته الشهيرة «الحرافيش»، حيث نكاد نلمس في هذه الرواية خطوط الحكايات والسير التراثية واضحة تماما في معظم تفاصيلها، ورغم ارتباط الرواية العربية الحديثة بالتراث بشكل عام كما هو الحال في روايات نجيب محفوظ، حيث يبدو هذا الارتباط واضحا كما أسلفت في «الحرافيش» أو روايات حنا مينا، أو روايات يحيى حقي، أو روايات يحيى الطاهر عبدالله، أو روايات صالح موسى، فإن هؤلاء وغيرهم استطاعوا توظيف رواياتهم لخدمة الأحداث السياسية والاجتماعية التي يموج بها عالمنا العربي.
[email protected]
[email protected]