وأكد اقتصاديون عمانيون أن الزيارات الأخوية المتبادلة بين الدولتين تحمل في طياتها تدشين مرحلة اقتصادية بنظرة مستقبلية تنموية للمنطقة، مبينين أن الزيارة لن تكون اعتيادية أو شكلية، لا سيما بعد الحراك الذي تم خلال الأربعة الأشهر الماضية التي عقبت زيارة سلطان عمان إلى المملكة.
15 % زيادة في التبادل التجاري
أكد رئيس مجلس إدارة غرفة عمان م. رضا آل صالح، أن زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع تكتسب أهمية كبرى على العديد من الأصعدة والمستويات الثنائية والإقليمية والدولية، مشيرا إلى أن الزيارة تأتي كانعكاس للعلاقات الأخوية الوطيدة بين المملكة والسلطنة، وترجمة للروابط المتينة التي تجمع بين البلدين والشعبين الشقيقين، وما يربط بينهما من وشائج ومصالح متبادلة، فضلا عن المكانة الإقليمية والدولية لهما خاصة أنهما عضوان أساسيان في مجلس التعاون الخليجي ولهما ثقل وأهمية إستراتيجية في تعزيز العمل العربي المشترك.
وأضاف أن البلدين يتشاركان في الرؤى والتطلعات الرامية إلى تعزيز مسارات التنمية الشاملة والتنويع الاقتصادي وهو ما يتجلى في الرؤيتين (عمان 2040) و(المملكة 2030)، مبينا أن الإحصائيات تشير إلى المنحى التصاعدي للتبادل التجاري بين البلدين إذ بلغ 960 مليون ريال عماني في عام 2020 مرتفعا بنحو الضعف منذ عام 2010 (461 مليون ريال) في حين تشير أرقام الربع الأول للعام الحالي 2021 إلى ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 14.89 % بالمقارنة مع نفس الفترة العام الماضي ليصل إلى 265.4 مليون ريال عماني.
وقال آل صالح إن زيادة التبادل التجاري يعد طموحا أمام القطاع الخاص للبلدين مع تطلعات لنموها بشكل أفضل كترجمة للعلاقات التي تحظى باهتمام من قيادتي البلدين، وهناك آفاق أكبر لارتفاع حجم التبادل التجاري بشكل مطرد في الفترة القادمة نتيجة لتنامي العلاقات والهدف المشترك بالوصول إلى مرحلة التكامل الاقتصادي الذي سيتعزز بفتح الطريق البري بين سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية والذي سيكون له أثر إيجابي على تسهيل التبادل التجاري وزيادة انسيابيته، مؤكدا أن السعودية تحتل المرتبة الثانية في قائمة مستوردي الصادرات العُمانية غير النفطية، وفي المرتبة الرابعة من حيث إعادة التصدير، وفي المركز الخامس في قائمة الدول التي تستورد منها السلطنة، وتأتي السعودية رابعا على مستوى العالم في استيراد الأسماك العُمانية. بينما تعد السعودية شريكا إستراتيجيا في عدد من المشاريع الاقتصادية في السلطنة، منها على سبيل المثال لا الحصر تطوير مدينة خزائن الاقتصادية التي تأسست في 2018 بشراكة عمانية - سعودية.
وأضاف آل صالح أنه في مجال الطاقة هناك تعاون بين البلدين عبر مشاريع «عبري 2» وهي أكبر محطة طاقة شمسية في السلطنة ومشروع «صلالة 2» و«محطة صلالة المستقلة لتحلية المياه» وجميعها بالشراكة مع أكواباور السعودية، مشيرا إلى أن الزيارة التي قام بها صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى المملكة والتي انبثق منها تأسيس مجلس التنسيق السعودي - العماني تمثل انطلاقة قوية نحو تحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين ليضاف إلى ذلك الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال الزيارة والتأكيد على رفع وتيرة التعاون الاقتصادي بين البلدين من خلال تحفيز القطاعين الحكومي والخاص للوصول إلى تبادلات تجارية واستثمارية نوعية تحقّق طموحات الشعبين وتساهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 ورؤية عُمان 2040، وعبر إطلاق مجموعة من المبادرات المشتركة والتي تشمل مجالات تعاون رئيسية منها الاستثمارات في منطقة الدقم، والتعاون في مجال الطاقة، بالإضافة إلى الشراكة في مجال الأمن الغذائي، والتعاون في الأنشطة الثقافية والرياضية والسياحية المختلفة.
وأوضح أن مجلس الأعمال العماني - السعودي يعمل على تسريع العلاقات التجارية والاستثمارية بين السلطنة والمملكة وآليات ومتطلبات تعزيز التجارة البينية بين البلدين الشقيقين وتسريع التكامل الاقتصادي وزيادة تعزيز التعاون التجاري ورفع معدل الفرص الاستثمارية بين البلدين ولمسنا في هذا الصدد اهتماما سعوديا بالاستثمار في الصناعات الثقيلة وصناعة البتروكيماويات ومشاريع التعدين، ومشاريع الخدمات اللوجستية.
رؤية مشتركة ومشروعات ضخمة
أوضح النائب الأول لرئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان، د. سالم الجنيبي أن الزيارة الأولى لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع للسلطنة، تأتي تأكيدا على الثوابت المتأصلة التي تنطلق منها البلدان في نهج التعاون والإخاء وتعزيز القواسم المشتركة في التجذر الحضاري والإرث التاريخي.
وأضاف الجنيبي: إن تلك الزيارة لها أبعاد عديدة بخلاف توطيد العلاقات المشتركة بين البلدين إذ تأتي لاستكمال المشوار الذي بدأت فيه السلطنة والمملكة التحرك بشكل أكثر إستراتيجية خلال الفترة الماضية وهو تعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين الجانبين، إذ يسعى البلدان في إطار رؤية السلطنة 2040 ورؤية المملكة 2030 لتنويع مصادر الدخل وتعزيز فرص الاستثمار المشترك، وتقديم مزيد من التسهيلات لجذب رأس المال الخارجي.
وأكد أن الزيارة ربما تعلن عن نتائج اللقاءات السابقة والزيارات المتبادلة بين الجانبين التي بدأت بوزراء التجارة عقبها زيارة لصاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق ولقاء أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين، لافتا إلى أن الرأي العام بالبلدين يتوقع أن ينتج عن هذه الزيارة بعض المشاريع الكبرى المشتركة بخلاف افتتاح المنفذ البري الذي يربط المملكة بالسلطنة، وتنبع أهمية تعزيز الشراكة بين البلدين من ضرورة الاستفادة من الفرص الاستثمارية الهائلة التي ستعظم الفائدة الاقتصادية بين بلدين يتوسطان خريطة العالم بين البحر الأحمر والخليج العربي وبحر العرب والمحيط الهندي.
وأشاد الجنيبي بمقومات البلدين وما ينعكس على العلاقات الاقتصادية حيث يمتلك كلا البلدين الموقع الإستراتيجي، فالسلطنة تطل على المحيط الهندي وبحر العرب وبحر عمان ومضيق هرمز شريان النفط الخليجي، والمملكة تطل على البحر الأحمر ولديها حدود ومنافذ جغرافية مع عدد من الدول الخليجية والعربية، مشيرا إلى أن كلا البلدين يشتركان في طموحات تعزيز الاستثمارات ورفع التبادل التجاري بينهما في المناطق الحرة والاقتصادية، ولديهما جاهزية كبرى في البنية الأساسية من موانئ تجارية ومناطق لوجستية وصناعية واقتصادية وحرة ومطارات دولية إضافة إلى قوانين ثابتة ومتينة في مجال الاستثمار.
ولفت الجنيبي إلى أن افتتاح طريق الربع الخالي المباشر بين البلدين سيؤدي إلى عدد من الأبعاد الاقتصادية والتجارية أبرزها ارتفاع حركة الصادرات والواردات بين السلطنة والمملكة مع ميزة خفض كلفة الشحن بين البلدين وتقليل تكلفة النقل وتسهيل التواصل بين الشركاء التجاريين من الجانبين.
وأضاف أن افتتاح الطريق البري سيعزز من نمو قطاعين مهمين وهما القطاع اللوجستي والقطاع السياحي، هذا بدوره سوف يرفع من الاستثمارات في المناطق الاقتصادية والحرة بالسلطنة بكونها تمثل بيئة محفزة للاستثمارات من خلال الحوافز وبكونها تقع على موانئ إستراتيجية كميناء صحار وميناء الدقم وميناء ريسوت بصلالة.
وتوقع أن يتم التكامل الاقتصادي والاستثمار المشترك في عدة قطاعات منها: البتروكيماويات ومشتقاتها، وقطاع الصناعات الغذائية والدوائية والسياحة والترفيه والفنادق والعقار والخدمات اللوجستية، والقطاع السمكي والتعدين إضافة إلى النقل البحري الذي يعد من القطاعات المستهدفة تجاريا واستثماريا للمرحلة القادمة، فيما يتوقع نمو الاستثمارات من الجانبين وخاصة في المناطق الحرة والمناطق الاقتصادية الخاصة، التي من المؤمل أن نرى بها مصانع ذات استثمارات مشتركة.
مرحلة جديدة لتحقيق تطلعات البلدين
قال الكاتب العماني في الشؤون الاقتصادية خلفان الطوقي إن الزيارة المرتقبة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع تحمل الكثير من تباشير الخير للبلدين والشعبين الشقيقين، مشيرا إلى أن الزيارة لن تكون اعتيادية أو شكلية، لا سيما بعد الحراك الذي تم خلال الأربعة الأشهر الماضية التي عقبت زيارة سلطان عمان إلى المملكة، وتنفيذا لموافقة مجلس الوزراء السعودي بالتفاوض والتباحث مع الحكومة العمانية في ٩ مجالات منها التجارية والرياضية والاستثمارية والثقافية والإعلامية واللوجستية والاتصالات وتقنية المعلومات والنقل وغيرها.
وأضاف الطوقي أن هذه الزيارة تحمل في طياتها الكثير من الملفات الهامة وبمثابة تجسيد العلاقات الأخوية والإستراتيجية بين البلدين الشقيقين، وهناك قواسم مشتركة ونقاط تعاون فيما يخص التعاون الأمني والاقتصادي والثقافي والإعلامي، ويتشارك البلدان رؤى وطنية إستراتيجية كرؤية السعودية ٢٠٣٠، ورؤية عمان ٢٠٤٠.
وأوضح أن الزيارة فرصة للأجهزة التنفيذية في بلاده أن تستفيد من التجربة الناضجة لرؤية السعودية ٢٠٣٠ التي سبقت رؤية السلطنة بعدد من السنوات، مشيرا إلى أن المملكة دولة محورية على مستوى العالم من النواحي السياسية والاقتصادية.
وأوضح أن الزيارة المرتقبة ستعمل على نقل العلاقات السعودية - العمانية نقلة نوعية وإلى مرحلة جديدة مزدهرة ومتقدمة تنعكس على البلدين الشقيقين وتطلعات شعبيهما، وتعمل على مزيد من التقارب والتعاون والتكامل والانسجام في كافة الملفات المشتركة.
نقلة نوعية لدعم 7 قطاعات اقتصادية
أفاد الأكاديمي والمحلل الاقتصادي العماني د. محمد الوردي بأن زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع للسلطنة تمثل نقلة نوعية للتعاون الإستراتيجي بين البلدين الشقيقين خصوصا في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتعاون المشترك بين البلدين وتأتي الزيارة بعد قرابة خمسة أشهر من الزيارة التاريخية التي قام بها السلطان هيثم بن طارق للسعودية كأول زيارة رسمية لجلالته خارج البلاد بعد توليه مقاليد الحكم مما يدلل على الأهمية الإستراتيجية التي توليها السلطنة للمملكة.
وأضاف الوردي: إن زيارة سلطان عمان للمملكة توجت بتوقيع مذكرة تفاهم لتأسيس مجلس تنسيقي بين عمان والسعودية لتعزيز العلاقات وتسريع العمل على افتتاح المنفذ البري الذي يربط بين البلدين فيما تأتي زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع للسلطنة لتعزيز التعاون في القطاعات الواعدة كالبترول والبتروكيماويات واللوجستيات والاقتصاد الدائري والاقتصاد المعرفي والتعدين والأمن الغذائي ورفع التبادل التجاري بين البلدين خصوصا مع اقتراب افتتاح المنفذ البري الذي يربط بينهما فيما ستأتي الزيارة لتطوير العلاقات الخليجية لا سيما أن الزيارة تأتي قبل انعقاد القمة الخليجية المشتركة.