وتابع التقرير: في الأسابيع الأخيرة كانت ضفة مجرى النهر المتشقق من الجفاف في قلب مدينة أصفهان التاريخية موقعًا لأكبر احتجاج بيئي في إيران على الإطلاق.
الموت للديكتاتور
ومضت «فاينانشيال تايمز» تقول: قامت شرطة مكافحة الشغب بدوريات في أصفهان في نهاية هذا الأسبوع بعد تطهير نهر «زيانده رود» الجاف من آلاف المتظاهرين الذين أقاموا معسكرًا هناك، وذكرت وسائل إعلام محلية أنه تم اعتقال العشرات من المتظاهرين، كان بعضهم يردد «الموت للديكتاتور» و«شرطتنا عارنا».
وأردف التقرير: تعاني إيران، وهي دولة قاحلة وشبه قاحلة، من الجفاف المستمر منذ عقود والاستنزاف السريع لمواردها المائية، وهي مشكلة تفاقمت بسبب تزايد عدد السكان.
ولفت إلى أن المزارعين بالقرب من أصفهان هم من بين الأكثر تضررا، لأن الحكومة أعطت الأولوية لتوفير المياه للمدن والصناعة.
ونقل عن مسعود سرامي، رجل الأعمال البارز في أصفهان، قوله: يعرف المزارعون أنه لا توجد مياه تذهب إلى النهر الآن، لكن هذه المظاهرة هي دعوة للاستيقاظ للسلطات للتفكير في حلول قصيرة وطويلة الأجل.
ونبّه تقرير الصحيفة البريطانية إلى أن هذه هي أحدث احتجاجات تهز النظام الإيراني، المتضرر بشدة من العقوبات، وتوضح حجم التحدي البيئي الذي يواجه نظام الملالي.
وأردف: مع تصاعد الاحتجاجات، أمر الرئيس إبراهيم رئيسي بتشكيل لجنة للنظر في إحياء «زيانده رود»، وقال نائب الرئيس محمد مخبر: «إن مشكلات المياه ستحل بأي وسيلة وبأي طريقة ممكنة، واعتذر علي أكبر محرابيان، وزير الطاقة، للمزارعين في أصفهان الأسبوع الماضي ووعد بحل، لكن، وبحسب التقرير، فإن الوضع في أصفهان بالغ السوء.
جفاف النهر
ونقلت الصحيفة عن حشمت الله انتخابي، الباحث في حوض زيانده رود، قوله: إن نهر زيانده رود جف في الغالب خلال الأشهر الـ14 الماضية، ولم يُسمح بدخول المياه إلى النهر من السد خلال فترتين مدتهما 10 أيام.
وأضافت: تقول السلطات المحلية: إن سد زيانده رود، المملوء عادة بمياه الأمطار والمياه من الجبال القريبة، ممتلئ بنسبة 14% فقط. وتضرر نحو مليوني نسمة من أصل 5 ملايين من سكان حوض زيانده رود بشدة، ويعتمد الكثيرون على المحاصيل مثل البصل والبطاطس والبطيخ وكذلك علف الذرة والبرسيم في معيشتهم.
ونقلت عن فاطمة كاظمي، وهي ناشطة بيئية في أصفهان، قولها: إن الاحتجاجات في أصفهان ليست ذات دوافع سياسية على الإطلاق، لكن لدى المزارعين الكثير من المعلومات التفصيلية حول أين ذهبت مياههم، حيث تم إعطاء الأولوية للصناعة المحلية لإمدادات المياه.
كما نقلت الصحيفة عن انتخابي، قوله: إن مطالب المزارعين مشروعة، ويتعين على الحكومة إحياء نهر زيانده رود بأي طريقة ممكنة، ولكن حتى ذلك اليوم يجب أن تدفع للمزارعين مبالغ معقولة مقابل خسائرهم، بدلا من النزول إلى الشوارع التي كانت تنطوي على مخاطر نشوب صراعات، اختار المزارعون مجرى النهر الجاف وأظهروا للناس في إيران والعالم أن النهر جاف حقا.
وتابع التقرير: في إشارة إلى كيف يمكن أن تتصاعد الاحتجاجات في أصفهان، نزل الآلاف من الناس في مقاطعة شارمال بختياري المجاورة، حيث مصدر زيانده رود، إلى الشوارع أيضًا، خائفين من تحويل إمدادات المياه الخاصة بهم لإرضاء الناس في أصفهان، ودمر مزارعون في أصفهان بعض أنابيب المياه المتجهة إلى مدينة يزد الجنوبية.
أزمة المياه
وأردفت الصحيفة البريطانية: تفاقمت أزمة المياه بسبب الأزمة الاقتصادية في إيران، وتكافح طهران، التي فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات شديدة بعد انهيار الاتفاق النووي، لتمويل خطط التنمية طويلة المدى، كما أنها تفتقر إلى الوصول إلى التقنيات الغربية وتحتاج إلى عشرات المليارات من الدولارات لإصلاح نظام الري التقليدي والسعي إلى محاصيل أقل استهلاكًا للمياه.
وبحسب التقرير، في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في جلاسكو الشهر الماضي، قالت إيران: إنها ستلتزم بخفض الانبعاثات إذا تم رفع العقوبات.
وتابع: سأل نائب الرئيس الإيراني ورئيس دائرة البيئة، علي سلاجغة، المؤتمر: كيف يمكن لإيران أن تجسد التزاماتها بموجب اتفاقيات باريس للمناخ إذا لم تكن قادرة على تلقي أي مساعدة مالية وتقنية من المجتمع الدولي؟
ونقل تقرير الصحيفة البريطانية عن محمد درويش، الناشط البارز في طهران، قوله: نواجه طريقًا مسدودًا، كلما اقترحنا خططًا على الحكومة تخبرنا بأن البلاد تخضع لعقوبات، عدد كبير من السكان سينزحون في المستقبل المنظور، أين يجب أن يذهبوا؟ هذه ليست مشكلة إيران التي يبلغ تعداد سكانها 85 مليون نسمة فقط، سيؤثر ذلك على العالم بأسره.
وتابع التقرير: أصفهان هادئة الآن، ليس من الواضح إلى أي مدى سيكون المزارعون على استعداد للوصول إليه.
ونقل عن عباس عبدي، المحلل الإصلاحي، قوله: في كل مرة يكون هناك احتجاج كبير، يفقد النظام قاعدة دعم، هم الآن يخاطرون بفقدان المزارعين، لكن لا يبدو أن ذلك يقلق أي شخص في النظام السياسي.
ونقل عن مزارع في منتصف العمر قوله في مقطع فيديو الأسبوع الماضي: يجب أن يعلم المسؤولون أن جبهة حرب انفتحت في أصفهان، نحذر فإما أن تعيدوا ماء «زيانده رود» أو سيلقى بكم في سلة مهملات التاريخ.