[email protected]،
وأتساءل عن أسباب انحساره ليس في مصر وحدها، وإن كنت اتخذها كمثال حي، ولكن في عدد من الديار العربية، التي بدأت رموزها الثقافية الميالة نحو هذا الفن الأدبي الوليد تضع اللمسات الأولى في لوحاتها المسرحية الشعرية الأولى، ولكنها أحجمت عن إكمال المسيرة، التي بدأتها في هذا المجال، ولعلنا نذكر «الوزير العاشق»، وهي مسرحية شعرية رائعة لفاروق جويدة، ولا نكاد نذكر كثيرا من الأعمال الفنية، التي يمكن أن نضعها في صف هذه المسرحية، وأحسب أن السر في ندرة هذه الأعمال الفنية يعود إلى صعوبة كتابتها، فالمسألة تقتضي من الشاعر أن يمسك بتلابيب مفردات خاصة قد لا يتقن ممارستها كل شاعر، أو بمعنى آخر، فإن كتابة المسرح الشعري، أو الشعر «الممسرح» إن جاز القول تتطلب من الشاعر موهبة خاصة وفريدة «ومزدوجة» أيضا، أي تتطلب منه أن يكون شاعرا أولا، وأن تكون لديه رؤية شمولية للفن الدرامي المسرحي بأبعاده الفنية المختلفة والمتشعبة.
ولا أحسب أن المسرح الشعري بحاجة إلى هذه الهالة الكبيرة من «الغناء»، فالتخلص بقدر الإمكان من «الغنائية» هو ضرورة من ضرورات قيام مسرح شعري واعد، أضف إلى ذلك أن التفاعل بين الجمهور والممثلين في هذه التجربة المسرحية بالذات ليس هينا، فإذا كانت بعض التجارب الشعرية قد نجحت أيما نجاح في هذا المضمار كتلك التي خاضها صلاح عبدالصبور أو عبدالرحمن الشرقاوي أو فاروق جويدة، فإن ذلك لا يعني بالضرورة سهولة التجربة، فهي ليست في واقع الأمر مركبا سهلا بإمكان أي شاعر أن يمتطيه، أو يفكر في امتطائه.
[email protected]،
[email protected]،