لن أطيل في ذكر الجهود فهي لا تخفى على زائر منصف، لكني سأقتنص أحد المواقف التي جاءت متزامنة مع احتفالية يوم التطوع العالمي والذي يوافق 5 ديسمبر من كل عام حيث إن التطوع يعني في قاموسي جهدا غير مطلوب من الموظف يسهم في الارتقاء بالمنظمة، وهذا التعريف قفز إلى ذاكرتي بعد أن تعاقب عدد من منسوبي الحرم على تنظيم أحد المواقع وحقيقة أن إدارة الحشود وتنظيم الكتل البشرية من أصعب الأمور التي نجحت بلادنا الحبيبة فيها باقتدار، كنا نجلس في موقع خصص للنساء تحيط به الحواجز البلاستيكية وكان المنظمون يمنعون النساء من الوقوف في الجهة الخارجية للحاجز حتى لا يعيق وقوفهم الحركة فكانت شرطية الحرم تتعامل بلطف مع الواقفات بعبارات لطيفة «يا أمي لا تصلي هنا، يا أمي روحي المكان المخصص»! حتى رحمتها وهي تنظم اليمين ويحتشدون في اليسار فإذا ذهبت لليسار احتشدوا في اليمين، وهكذا هم زائرو تلك البقاع تغلبهم اللهفة والعاطفة فيغمضون أعينهم ويصمون آذانهم أمام ذلك المشهد المهيب ويسابقون الزمان الذي شرفهم بتواجدهم في تلك البقاع ! حتى استعانت بالشرطي الذي كان أكثر حدة فنادى بهن: «يا حاجة يا جاحة صلي في المكان المخصص» فتحسن الوضع قليلا، لا سيما وأن صلاة الفجر اقتربت واستنفر الجميع وكبر الإمام أما الشاهد في هذا الموقف فهو الموظف الذي نزل من السماء !! وقام بحركة ديناميكية سريعة وكأنه يسابق الوقت ويتنقل كالفراشة ويزيح الحواجز ويوسع الأمكنة ويدخل الواقفات دون أن يكثر الكلام حتى أنهى المهمة في دقائق لا تعد، كان وقورا يرتدي مشلحا ويعلق بطاقة موظف !! تقول إنه من الأرض وليس من السماء !! حينها استشعرت شيئا من معاني التطوع والهمة والتفكير خارج الصندوق وعموما لا أدري هل ما قام به ضمن عمله أو تطوعا منه لكني أدرك تماما أن المشهد كان جميلا وجاء في وقته.
وعموما فإن للتطوع لذة لا يدركها إلا من جربها لذا لم تغفل إدارة تعليم المنطقة الشرقية عن هذا الحدث وأقامت حفلا جميلا كرمت فيه رواد التطوع وأتاحت للجهات ذات العلاقة عرض خبراتها وتجاربها وقدمت برنامجا منوعا يذكر بهذه القيمة ويحث عليها لا سيما وأن التطوع بحسب جهود وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أصبح له تنظيم ومنصة ترصد وتحسب الساعات لتثري المتطوع في دنياه وآخرته.
@ghannia