في أواخر شهر نوفمبر الماضي زار فخامة الرئيس اللبناني ميشال عون دولة قطر الشقيقة، وتمكنت قناة الجزيرة الفضائية من عمل لقاء خاص مع فخامته على هامش الزيارة. لم يكن اللقاء طويلاً، ومع ذلك تمكنت القناة من طرح كل الأسئلة التي تدور في أذهان الناس، خاصة المتابعين لأزمة العلاقات المتوترة بين لبنان والدول العربية (ثلاث دول خليجية -السعودية، الكويت، البحرين- بالإضافة إلى الجمهورية اليمنية). الملاحظ على الموقف اللبناني بعد نشوب أزمة الخلاف، التي باتت معروفة للجميع أن أصيب بحالة من العجز، والاستسلام للأزمة بمعنى عدم بذل أي جهود حثيثة، وحقيقة جادة لاحتواء الخلاف وإعادة العلاقات مع الدول العربية إلى مجاريها، وكنت كمراقب ممكن اعتقد أن لبنان الذي عرفناه قوة عربية دائماً كان يهدأ النفوس، وينتظر ربما وقت أكثر مناسبة لبحث الأمر إما عن طريق وسطاء دوليين، أو عن طريق حُسن تدخل من أطراف عربية. ولكن كل تلك التصورات ذهبت أدراج الرياح بعد المقابلة المشار إليها عبر قناة الجزيرة، حيث ظهر فيها الرئيس اللبناني رجل أكبر من سنه، وفي أقل من المرتبة أو الدرجة التي يشغلها فعلاً، وذلك من خلال استمرار دفاعه عن حزب يختطف السلطة في لبنان وأعني به حزب الله، ويسعى بشكل حثيث إلى جعل لبنان تابعا للحرس الثوري، فخامة الرئيس كان عجوزا ربما أكبر من سنه، وكان ضعيفا لدرجة أن يعترف وكلماته تتقطع على الهواء المباشر بأنه لم يأمر وزيرا في الحكومة اللبنانية بالاستقالة، ويقولها بتأثر وغصة، ويبرر كل ذلك الحزن والضعف في حديثه أن معالي الوزير -يقصد وزير الإعلام اللبناني السيد جورج قرداحي- يعرف ما يجب عليه أن يقوم به، وأنه سيتصرف بما يناسب ضميره، كانت صدمة كبيرة، كلمات فخامة الرئيس، الذي أعطى انطباعا في هذا اللقاء التليفزيوني أن لبنان، التي كانت في أعين العرب، والعالم دوماً شابة وفتية ومتوثبة أصبحت دولة عجوز وعاجزة، وخائفة من الخروج من سيطرة حزب الله، الذي يهدد بحرق البلد، بمئات الآلاف من المقاتلين، الذين دربهم وسلحهم وعبأهم عقائدياً على مدى العقود الماضية. وفي قراءة موازية لثلاثة عناصر كثر الحديث عنها بعد زيارة عون للدوحة، يمكن القول ابتداء إن الدوحة عبرت ببيان من وزارة خارجيتها يستنكر الموقف اللبناني عشية الأزمة، وكان هناك توقع بأن يقوم وزير الخارجية القطري في الأسبوع الأول للأزمة بزيارة لبنان لكن ذلك لم يحدث، وبقي الوضع على حاله حتى جاءت هذه الزيارة، التي من نافلة القول بيان أنها ليست في المقام الأول للبحث عن حل للأزمة اللبنانية مع الدول العربية، بسبب أنها كانت بدعوة من القيادة القطرية للرئيس اللبناني لحضور مناسبة عربية رياضية، وهنا يمكننا القول إن هذا التصرف أو الدعوة القطرية تصرف شخصي يخص السيادة القطرية، الشيء الآخر وهو الأهم أن ليس في الأفق من الجانب اللبناني من تحرك يشجع القيادة القطرية على لعب دور إيجابي يعيد المياه إلى مجاريها. إذن ما الفائدة من هذه الزيارة؟؟ في أغلب تقدير هي كما يقول أهل لبنان «فشة خلق» يعتقد الجانب اللبناني أنه عبر استجابة قطرية مأمولة حل كل مشاكل لبنان الاقتصادية والسياسية، التي تقول أقل التقديرات تشاؤماً إنها تحتاج لساحر كبير لتحريكها.
@salemalyami