وأردف التقرير يقول: ظلت ميركل لفترة طويلة من أقوى القادة في العالم والشخصية السياسية المركزية في ألمانيا وأوروبا، وشهدت خلالها 4 رؤساء للولايات المتحدة و5 رؤساء وزراء بريطانيين و8 رؤساء وزراء إيطاليين.
وتابع: اجتذب استمرارها في السلطة المعجبين والمنتقدين على حد سواء، لكنها ظلت مصدرا فريدا للاستقرار في القارة من خلال الأزمات المتكررة.
ومضى يقول: تعرضت ميركل، التي تزعمت الاتحاد الديمقراطي المسيحي، لانتقادات لفشلها في رعاية خليفة لها، وربما فعلت ذلك في النهاية، بشكل أدى إلى إحباط حزبها، كانت عضوا فقط في المعارضة التقليدية لأولاف شولتز، وهو من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وآخر وزير مالية لحكومتها، الذي أدى اليمين الأربعاء الماضي بعد حملة وعدت بالاستمرارية.
رحيل ميركل
وأضاف تقرير «نيويورك تايمز»: مع ذلك، فإن رحيل ميركل يمثل نهاية حقبة هيمنة السياسة الألمانية التي وصفتها بنفسها بأنها مليئة بالأحداث وصعبة للغاية، وبداية فصل جديد ويتسم بعدم اليقين لألمانيا وأوروبا.
ومضى التقرير يقول: البصمة الكاملة التي تركتها ميركل على بلدها وقارتها لن تكشف عن نفسها إلا في السنوات المقبلة، لكن في الوقت الحالي، فإنه ينظر على نطاق واسع إلى قرارها في عامي 2015 و2016 باستقبال أكثر من مليون طالب لجوء في ألمانيا باعتباره نقطة ارتكاز لإرثها.
وبحسب التقرير، أدى القرار إلى تقسيم بلدها بشكل حاد، وغذى ظهور حركة قومية يمينية متطرفة نمت أقوى من أي وقت مضى منذ النازيين، لكنه خفف أيضا من صورة ألمانيا في الخارج وجعل منها منارة ليبرالية، حيث كانت الشعبوية تهدد أسس النظام الديمقراطي في الغرب.
ونقل عن نيكا فوروتان، خبيرة الهجرة والأستاذة بجامعة «هومبولت» في برلين، قولها: غيرت أنجيلا ميركل صورة ألمانيا في العالم بطريقة أنقذت شرف ألمانيا.
ونبهت الصحيفة الأمريكية إلى أن الفترة الأخرى التي ميزت وجودها في السلطة كانت أزمة الديون في أوروبا، ووصفتها الصارمة لسنوات طويلة من التخفيضات المؤلمة في الميزانية كوسيلة للخروج منها، وهو أمر لم يغفره لها كثير من الأوروبيين الجنوبيين بعد أكثر من عقد من الزمان.
ونقلت عن فوروتان، قولها: في أجزاء من أوروبا يُنظر إلى ميركل بشكل سلبي أكثر بكثير مما هو عليه في أجزاء أخرى من العالم.
الحزب البديل
وأشار تقرير الصحيفة إلى أن الشيء نفسه ينطبق على ألمانيا نفسها، مضيفا: تتمتع ميركل بشعبية كبيرة في الغرب الأكثر اكتظاظا بالسكان في البلاد، وهي مكروهة في أجزاء من الشرق الشيوعي السابق، حيث نشأت، أصبح الشرق معقل «البديل من أجل ألمانيا»، وهو حزب تم إنشاؤه في عهدها وأول حزب يميني متطرف يصل إلى البرلمان الألماني منذ الحرب العالمية الثانية.
وبحسب التقرير، اعترفت المستشارة الألمانية السابقة قبل عامين خلال وجودها في مدينة كيمنتس الشرقية، بعد أن أصبحت مسرحا لأعمال شغب عنيفة من اليمين المتطرف، بأنها تعلم أن وجهها بات مثيرا للاستقطاب.
وتابع: قرب نهاية فترة وجودها في المنصب، كان المتظاهرون ينظمون وقفات احتجاجية أسبوعية خارج المستشارية ويأتون إلى المناسبات العامة التي حضرتها ويصرخون: «على ميركل أن ترحل».
وأردف: في ذلك الوقت، كانت معدلات تأييدها تنخفض بسرعة ويبدو أنها قد لا تنجح سياسيا خلال ولايتها الرابعة الكاملة، كان الوباء هو الذي منحها شهر عسل آخر في استطلاعات الرأي.
ونبَّه إلى أن خليفتها شولتز يشاركها في المزاج الهادئ واستفاد من وجه الشبه هذا، موضحا أنه هو نفسه قال للموظفين في المستشارية عقب تسلمه المنصب: «لن يتغير الكثير».
ونقل عن صحيفة «زود دويتشه تسايتونج» قولها في مقال نشر مؤخرا: الانتقال من ميركل إلى شولتز متناغم للغاية لدرجة أنه يتعين عليك أن تسأل ما الذي بين هذين الاثنين، كثيرا ما اتهمت ميركل بالفشل في ترسيخ خليفة لها، لكن ربما هذا ليس صحيحا.
وتابع التقرير: بدأت حقبة ما بعد ميركل، لأول مرة منذ 16 عاما أصبح لألمانيا حكومة يسار وسط ومستشار جديد، أولاف شولتز، ستتمثل وظيفته في ملء مكان أنجيلا ميركل.
«الحرباء السياسية»
وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن شولتز، البالغ من العمر 63 عاما، وهو ديمقراطي اشتراكي طوال حياته، وجه مألوف في السياسة الألمانية وخدم في حكومتين بقيادة الحزب الديمقراطي المسيحي بزعامة ميركل، وكان آخرها وزير ماليتها، لكنه كان أيضا نوعا من «الحرباء السياسية».
وأضاف: لكن الائتلاف غير مألوف، حيث تضم الحكومة الجديدة بقيادته 3 أحزاب، هي الاشتراكيون الديمقراطيون والخضر المهتم بقضايا البيئة والديمقراطيون الأحرار، المؤيد للأعمال التجارية.
ولفت إلى أن هذه هي المرة الأولى منذ الخمسينيات من القرن الماضي التي يشكل فيها 3 شركاء حكومة.
وأشار إلى أن أزمات السياسة الخارجية تنتظر، مضيفا: نادرا ما يأتي زعيم ألماني إلى السلطة في ظل العديد من الأزمات المشتعلة.
وأردف: سيتعين على شولتز التعامل مع التوترات على الحدود البولندية البيلاروسية، والرئيس الروسي الذي يحشد قواته بالقرب من أوكرانيا، والصين الأكثر تصادمية، والولايات المتحدة الأقل موثوقية.
وتابع التقرير: ما أثار استياء حزبها أن ميركل قالت «إنها ستنام هنيئا في الليل»، وهي تعلم أن شولتز كان يدير البلاد، منذ إعلان نتائج الانتخابات، دعته لمرافقتها إلى اجتماع مجموعة الـ 20 في روما في أكتوبر لتقديمه لقادة مثل الرئيس بايدن، كما أشركته في كل قرار مهم منذ ذلك الوقت.
ونقل عن كريستوف هيوسجن، كبير مستشاري السياسة الخارجية السابق لميركل، الذي تولى رئاسة مؤتمر ميونيخ للأمن هذا الأسبوع، قوله: نشهد تحولا ديمقراطيا جيدا للغاية حيث يوجد إجماع أساسي، أنا فخور بديمقراطيتنا بالطريقة التي أدارت بها هذا التحول دون شماتة، ودون كراهية، ودون حقد.