وقد تغزلت المستشرقة الألمانية زيجريد هونكه بجمال وروعة العربية، فقالت: «كيف يستطيع الإنسان أن يقاوم جمال هذه اللغة ومنطقها السليم وسحرها الفريد؟! فجيران العرب أنفسهم في البلدان، التي فتحوها سقطوا صرعى سحر تلك اللغة».
ويذكر أيضا أن المستشرق المؤرخ والمترجم الفرنسي ريجي بلاشير قال عنها: «إن من أهم خصائص اللغة العربية قدرتها على التعبير عن معان ثانوية لا تعرف الشعوب الغربية كيف تعبر عنها».
ونتحدث عن هذه لغة الرائعة والمذهلة لأن اليوم (18) ديسمبر هو (اليوم العالمي للغة العربية)، وهي تعتبر من أقدم اللغات السامية. وهي من اللغات الست المعترف بها في هيئة الأمم (الإسبانية والإنجليزية والروسية والصينية والعربية والفرنسية). وقد أقر هذا اليوم العالمي في عام (1973م) بناء على مقترح قدمته المملكة العربية السعودية، والمملكة المغربية خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو.
وموقع هيئة الأمم وصف اللغة مادحا أيها فقال: «كما أنها أبدعت بمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة والفصيحة والعامية، ومختلف خطوطها وفنونها النثرية والشعرية، آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب في ميادين متنوعة تضم على سبيل المثال لا الحصر الهندسة والشعر والفلسفة والغناء».
والواقع أن اللغة العربية كان لها تأثير مباشر في عدة لغات بالعالم الإسلامي مثل: التركية والفارسية والكردية والأوردية والماليزية والإندونيسية. وأما على المستوى الأوروبي، فقد أثرت أيضا على اللغات كالإسبانية والبرتغالية والمالطية والصقلية.
ومما يميزها الفصاحة، الترادف والتضاد، كثرة المفردات، الإيجاز والإعراب، علم العروض، التعريب والاشتقاق.
ومن جماليات اللغة الأصوات، حيث مخارج الحروف تتوزع من الشفتين إلى أقصى الحلق. ولكن عالم اللغة الخليل بن أحمد الفراهيدي جعل الترتيب من الحلق إلى الشفتين مبتدأ بحرف (العين) ومنتهيا بحرف (الهمزة) في كتابه «العين». وهذه الحروف لها صفات عدة منها: الجهر والهمس، الشدة والرخاوة والتوسط، والإطباق والانفتاح والإذلاق، والإصمات والصفير والقلقلة، واللين والانحراف، والتكرير والتفشي والاستطالة وغيرها من الصفات.
ومما قرأت وراق لي وصف دراجات الصداقة والعلاقات (وهي متداولة في عدة مواقع) ولكن البعض ربما لم يقرأها بتمعن، حيث إنها حقا تبين جماليات اللغة ودقتها، ومثال ذلك، التِرْب: مثيلك في السن، الجليس: مَن يصحبك في المجلس، النديم: مَن يشاركك في مشربك، الرفيق: مَن يصحبك في سفرك، القرين: مَن يوجد بينك وبينه رابط روحي قوي، الأنيس: الذي يؤنسك في مجلسك. وأما الصديق: فهو صدق الإخاء والنصح والود. وأما الصفي: فهو مَن أخلص لك في الصداقة.
وبما أننا في موسم الشتاء، فهناك عدة أسماء للمطر، وعلى عجالة اخترت منها، الغيث: هو المطر الذي يأتي ليروي النبات شديد الإصفرار. والوابل: المطر ضخم القطر شديد الوقع. الجود: المطر الغزير الذي يروي كل شيء. الودق: إذا استمر المطر في الهطول. اليعلول: المطر المتتابع.
وهذه مجرد أمثلة كأنها نقطة في بحر اللغة وكلماتها ومرادفاتها وتعبيراتها. وصدق حافظ إبراهيم -رحمه الله- حين قال عنها: أنا البحر فى أحشائه الدر كامن.. فهل سألوا الغواص عن صدفاتى، والجدير بالذكر أن اللغة العربية يحق لها أن تفتخر على غيرها من اللغات بقوله سبحانه وتعالى: (وهذا لسان عربي مبين).
abdullaghannam@