ويصنف بعض المؤرخين في الغرب ما نراه من أعمال العنف من بعض الجماعات الإسلامية المتطرفة بأنه صراع حضارات، بينما ينظر له البعض الآخر على أنه انتكاسة وسلوك فردي لا يعبر عن أمة. ونرى نفس السلوكيات من جماعات أخرى تنتمي إلى أديان وعرقيات أخرى تمارس نفس السلوكيات ولكن الإعلام له دور كبير في إظهار حقائق معينة أو تجاهلها خدمة لأجندات معينة.
وفي رأيي كمراقب، أن جائحة الكورونا أظهرت وجها غير مألوف لكثير من الدول، التي تدعي الحضارة، فرأينا كيف فشلت كثير من نظم الرعاية الصحية لتلك الدول في توفير ما يحتاج إليه مواطنوها من خدمات أساسية منذ بداية الجائحة، بينما رأينا دولا أخرى قد لا توصف «بالتقدم» مثل المملكة العربية السعودية تضرب أجمل مثل في العناية بمواطنيها في الداخل والخارج منذ بداية الجائحة، وتبرهن على حضارتها ومتانة نظامها الصحي ونظرتها للمواطن السعودي كأهم لبنة في بناء هذا المجتمع. ويحضرني لقاء تليفزيوني للوزير عادل الجبير حاول فيه المقدم الغربي محاصرته بموضوع حقوق الإنسان فكان رده بأمثلة واقعية عن مظاهر الخدمات، التي تقدمها المملكة لمواطنيها بما في ذلك الرعاية الصحية، وفي رأيي أن هذه قمة الحضارة ومظهر راقٍ لحقوق الإنسان وليس بالضرورة ما تحاول بعض المنظمات تسويقه. ورأينا النسب الخيالية والمخيفة لأعداد المصابين والوفيات نتيجة للموجات المتعاقبة لجائحة الكورونا في دولة ما مؤخراً تخطت ستة وسبعين ألف مصاب في يوم واحد بينما أعداد المصابين في نفس الفترة في المملكة وبفضل من الله لا تتعدى الخمسين شخصا، ونرى الشعب السعودي بدأ من قيادته يصطفون لتلقي لقاح الكورونا بينما رأينا مظاهرات في أمريكا وبلجيكا ودول أخرى ضد فرض اللقاحات لأنها «تعدٍ على الحرية الشخصية»، ورأينا كيف تعاملت بعض الدول مع مهاجري القوارب، التي وصلت في بعض الأحيان إلى إغراق هذه القوارب بمَن فيها، فأين الحضارة في هذا السلوك؟ وأرى كل يوم المواطن السعودي يظهر تطبيق «توكلنا» لإثبات تلقيه لقاح الكورونا بكل أريحية لرجل الأمن عند دخوله الأسواق والمنشآت المختلفة مرتديًا الكمامة، أليس هذا هو السلوك الواعي والحضاري، الذي رأينا نتائجه الواقعية؟
هناك الكثير من السلوكيات غير الحضارية، التي نراها في مجتمعنا، والتي أرجو أن تختفي مع مرور الوقت ومع ازدياد الوعي الحضاري لشعوبنا، ولكن يجب علينا ألا نغفل هذه المظاهر الحضارية لشعبنا فهذا ليس عدلاً، وسنستمر بإذن الله في هذا الطريق الحضاري بدون كلل أو ملل خلف قيادة حضارية تراعي حقوق الفرد والمجتمع، فعلينا ألا ننسى ذلك والبراهين على ذلك كثيرة.