المشاركة المتنوعة محليا وعالميا، التي ركّز عليها البينالي، كان لها أثرها في التعريف والاطلاع وهو المستوى الأساسي، الذي سعى له القائمون على البينالي من أجل خلق فرص لتقديم التجارب السعودية والتعريف بها مع استقطاب تجارب عالمية نحوها، وخلق تبادل معرفي تطويري مع طرح أفكار متجددة قادرة على ترسيخ جسور التواصل البصري والأدائي والاستعراضي وفق مستويات قادرة بدورها على احتواء الفنون بما فيها فنون ما بعد الحداثة كفلسفة تعبير جريئة التطبيقات والفنون المعاصرة كتصورات تفسر المرحلة، وتستشرف المستقبل برؤى مختلفة وبطرق قراءة تستجيب لتطلعات جمالية جديدة.
إن لهذا البينالي أهدافا متعددة تصب كلها في خدمة الفنون التشكيلية والبصرية السعودية، ودعم المملكة كمركز للفنون في المنطقة من حيث التجارب ومن حيث المشاركات والفعاليات، فقد نجح بينالي الدرعية بالمفاهيم، التي طرحها تحت شعار «عبور النهر من خلال تتبع الحجارة»، تم الاشتغال عليها بمستوى عميق وتطلّع للفضاء والخامات بوعي مختلف.
إن ما يدعمه البينالي هو مستويات تجلت بدرجاتها في التعريف بالفنون المعاصرة بالمملكة وبالفنانين الفاعلين فيها والمؤسسات الناشطة والمتكاملة والحركة التشكيلية بفنانيها ونقادها، كما وجهت الأنظار نحو رؤى التجريب البصري من حيث المفاهيم والخامات في الصقل والتوجيه، فالكثير من النقاد يشيدون بمدى تطوّر التجريب السعودي والتحول بالتجارب وتغيير فلسفة الجماليات وجرأة المشاركات العالمية وتحصيل حضور مشرق فيها ما يشيد أيضا بتطور التجارب التشكيلية السعودية، وبالتالي فإن التعريف بها من خلال البينالي خلق منافذ مختلفة مفتوحة على كل الاتجاهات الفنية العالمية غربا وشرقا مع تعزيز روح التجريب والابتكار والمنافسة والخوض في المفاهيم وتفكيك رموزها والتعبير الحر والجمالي وفق كل الخصوصيات البصرية.
@yousifalharbi