ويُعدّ التمييز المؤسسي Institutionalized discrimination من صور العنصرية في بيئة العمل، ويشير إلى سوء المعاملة الجائرة والتمييزية لفرد أو مجموعة من الأفراد من قِبَل المجتمع ومؤسساته ككل، من خلال التحيّز أو الاختيار غير المتكافئ المتعمّد أو غير المتعمّد.
ويكون التمييز المؤسسي متعمدًا من الأفراد الذين يتخذون قرارًا واعيًا بالتمييز بإقصاء فئات أو أشخاص من الحصول على فرصتهم بعدالة، أو من المعتقدات النمطية النظامية التي تقوم على التمييز العنصري على الجنس والعرق والمنطقة والقبيلة والدين والمذهب والعمر والمظهر والحالة الاقتصادية والاجتماعية وغير ذلك، والتي تعتنقها الغالبية العظمى الذين يعيشون في مجتمع، حيث الصور النمطية والتمييز هي القاعدة.
وتُعرَف العنصرية المؤسسية بأنها عنصرية نظامية؛ لكونها شكلًا من أشكال العنصرية المضمنة كممارسة عادية داخل المجتمع أو المنظمة، وتتسبب هذه العنصرية في التمييز حتى في العدالة الجنائية، من حيث تطبيق العقوبات أو التغاضي عنها، والتطوير المهني وبالطبع التوظيف والتمكين.
في حين أن العنصرية الفردية غالبًا ما يمكن التعرُّف عليها بسبب طبيعتها العلنية، فإن العنصرية المؤسسية تكون أقل إدراكًا بسبب طبيعتها "الأقل علانية والأكثر دقة"، وهي "تنشأ من عمل قوى راسخة ومحترمة في المجتمع، وبالتالي فهي تتلقى إدانة علنية أقل بكثير من العنصرية الفردية"، ويصعب اكتشافه حين يحقق هذا التمييز منافع يستفيد منها المتحيز لهم خصوصًا لو كانوا الأغلبية، بشكلٍ أو بآخر في الفرص والمزايا الوظيفية، وبالتالي فمن مصلحتهم استمرار هذا التمييز.
وأعلنت وزارة الموارد والتنمية البشرية أنها تعمل على إصدار سياسة وطنية جديدة لعدم التمييز، تُعدُّ الأولى من نوعها، وهي في مراحلها الأخيرة وتنتظر الاعتماد قريبا، ونأمل أن تتضمن السياسة تجريم السلوك العنصري وإيجاد آلية للتظلم والتعامل مع البلاغات بصورة سريعة وسرية ومعاقبة من تثبت عليهم الممارسات العنصرية، مع الاستطلاعات الدورية عن بيئة العمل من حيث الكفاية القانونية والإجراءات العادلة التي تقنن من التمييز في بيئة العمل، وتأكيد وجود السياسات وتنفيذها بما يرتبط بعدالة الفرص الوظيفية ونزاهة اللجان والتنوع الديموغرافي في مؤسسة العمل ومنع التكتلات الوظيفية.
وقد كفل النظام الأساسي للحكم المساواة أمام القضاء للجميع دونما أي تمييز، حيث نصت المادة (47) منه على أن "حق التقاضي مكفول بالتساوي للمواطنين والمقيمين في المملكة"، ونصت المادة (1) من نظام الخدمة المدنية الصادر عام 1397هـ، على أن "الجدارة هي الأساس في اختيار الموظفين في شغل المناصب العامة"، وبذلك فإنه لا يوجد أي مانع نظامي يحول دون شغل أي مواطن للوظيفة العامة أو الوظائف العليا في الدولة، كما تضمنت المادة (3) من نظام العمل الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم (م/51) وتاريخ 23/ 8/ 1426هـ، أن العمل حق للمواطن، والمواطنون متساوون في حق العمل.
DrLalibrahim@