وهناك بعض النتائج الأولية لأبحاثنا، منها أن هناك أعراضا نفسية شديدة قد تنتج من الإصابة بالفيروس بدءا من أعراض القلق والتوتر وانتهاء بأعراض ذهانية تشمل الوساوس والضلالات. وتصيب الأعراض فئات عمرية مختلفة بأعراض مختلفة، فمن ملاحظاتنا ازدياد الاضطرابات السلوكية في الأطفال وخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة مثل التوحد، فقد تم حجر الجميع منذ بداية الجائحة وتحولت الدراسة لتكون على المنصة عن بعد ولهذا تبعات أكاديمية ونفسية كثيرة.
وهناك كبار السن الذين لم يكونوا بالضرورة يعانون أي أعراض نفسية قبل الجائحة ولكن بدأت تظهر عليهم الكثير من أعراض القلق والأرق والخوف، خاصة أولئك الذين يعانون من مشاكل طبية سبقت الجائحة قد تضعف مناعتهم. وقد حكى لي بعض الأصدقاء والمعارف قصصا مأساوية عن كثير من المسنين وخاصة في القرى وحتى في المدن ممن يعانون أعراض القلق والخوف، ومنهم الكثير ممن رفضوا تلقي أي فحوصات أو لقاحات الكورونا مفضلين الحجر الصحي الذاتي في المنزل لتجنب أي خطر للإصابة بالعدوى، وفضلوا الاستمرار في المعاناة من الخوف الشديد من مضاعفات اللقاح التي بالغت وسائل التواصل الاجتماعي في تضخيمها. ولا يزال الكثيرون يرفضون اللقاح ويتجنبون الخروج من منازلهم بسبب تلك المخاوف غير الواقعية في كثير من الأحيان. المحظوظون هم أولئك الذين استطاعوا الوصول إلى الرعاية النفسية اللازمة، ومن المعروف أن العزلة والانطواء تضاعف في أعراض القلق وتزيد المخاوف والوساوس خاصة مع طول مدة العزل، وقد يصعب إقناع هذه الشريحة من الناس بأفكار أخرى.
وعلينا في نظري مسؤولية كبيرة للوصول إلى هذه الشريحة لتقديم الوعي والخدمات في منازلهم، كما فعل منسوبو القطاع الصحي الأبطال في بداية الجائحة عندما دخلوا الأحياء العشوائية لفحص تلك المجتمعات وتوفير الرعاية الصحية لهم، مما كان له الأثر الكبير بفضل الله في نجاح قطاعنا الصحي في التحكم في الجائحة، والدليل هو الأعداد القليلة للإصابات ونظام صحي في أفضل حال ومجتمع قادر على الخروج للاستمتاع والترفيه عن جميع أفراد الأسرة والسفر وممارسة النشاطات بأنواعها. علينا ألا ننسى تلك الشريحة من المواطنين التي ما زالت تعاني فمن واجبنا التواصل معهم بأشكال مختلفة عن طريق الإعلام وحملات التوعية وحتى الزيارات المنزلية لكبار السن ممن يعاني إعاقة تمنعه من الذهاب إلى المراكز الصحية «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».
@almaiahmad2