وتواصل روسيا ضغطها من خلال الاستمرار في صراع منخفض المستوى، فقد أدى وقف إطلاق النار ست مرات تم التفاوض بشأنه كجزء من اتفاقات مينسك إلى خفض عدد الضحايا لكن لم يؤد ذلك لوقف العداءات على الإطلاق.
وتقول لوتسيفيتش: إن روسيا تعتبر اتفاقات «مينسك» مجرد أداة لفرض سيادة محدودة على أوكرانيا من خلال إضفاء الشرعية على الجماعات، التي تعمل بالوكالة لحساب روسيا وتوفير الحكم الذاتي الشامل لها، بما في ذلك حق الاعتراض على اتجاه السياسة الخارجية الأوكرانية.
ولكن مثل هذه «التسوية» غير مقبولة بالنسبة إلى كييف، وقد فشل بوتين حتى الآن في فرض تفسيره للاتفاق على باريس وبرلين، مما أدى إلى تهميش روسيا ودعوة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن موسكو إلى تنفيذ ما يخصها في اتفاقات «مينسك» أثناء الاجتماع الأخير لمنظمة الأمن والتعاون في ستوكهولم.
وتوضح لوتسيفيتش أن روسيا ترفض تغيير موقفها، وتحاول في حقيقة الأمر توسيع نطاق استحقاقها من خلال منطقة عازلة تمتد إلى ما وراء الجمهوريات السوفيتية السابقة إلى أوروبا الشرقية، منطقة حلف وارسو السابقة. وتحدد المعاهدتان اللتان اقترحتهما روسيا في 17 ديسمبر وجود أوروبا على مستويين؛ مستوى له الحق في الدفاع عن نفسه ضد التوسع الروسي، بينما يتعين على المستوى الثاني قبول التفوق الروسي كواقع جيوسياسي جديد. وببساطة سوف يعني هذا حرمان الجمهوريات السوفيتية السابقة مثل أوكرانيا من حق الوجود كدول مستقلة تماما، ويتضح أن مقال بوتين شبه التاريخي عن أوكرانيا يعتبر فعلا إعلانا أيدولوجيا تجاه كل المنطقة السوفيتية السابقة.
وبإعلانه أن «السيادة الحقيقية لأوكرانيا ممكنة فقط في ظل شراكة مع روسيا»، سوف يعزز اعتماد المنطقة على روسيا، وحلمه بوضع الدولة العظمى يعنى أنه «سيجمع الأراضي الروسية» ويعيد تشكيل ما وصفه مؤخرا بـ«روسيا التاريخية»، التي تفككت مع انهيار الاتحاد السوفيتي.
واختتمت لوتسيفيتش تقريرها بالقول: إن هناك محادثات على مستوى عالٍ بين موسكو وواشنطن قد تؤدي إلى خفض التصعيد، ومن ثم فإن الكثير يعتمد على أن يكون هناك تصميم دولي موحد لردع روسيا، وهذا هو السبب في أن إحداث انقسام في التضامن عبر الأطلنطي بشأن أوكرانيا يعتبر من أولويات بوتين الأكثر أهمية، وتوفر له القيادة الجديدة في ألمانيا ذلك، وكذلك رغبة إدارة بايدن في التركيز على الصين، مما يوفر لها المبرر لاسترضاء بوتين.