ويقول الباحثان: إن قيام بايدن بتسليم أفغانستان لطالبان كان فشلا إستراتيجيا انطوى على عواقب عالمية هائلة أدت إلى إهانة البلاد وفقدان عدد لا حصر له من الأرواح، وللأسف فإن أفغانستان هي الآن «العدسة» التي تتم من خلالها رؤية سياسة إدارة بايدن الخارجية الواهنة.
النظر للمستقبل
ويضيف الباحثان: «إنه بالنظر للمستقبل، يعتبر قانون تفويض الدفاع المدني المقترح غير ملائم بدرجة كبيرة للغاية بالنسبة لمواجهة العدوان الصيني الراهن، ليس فقط تجاه تايوان؛ ولكن على الجبهات الجغرافية السياسية كافة، فبينما تمضي الصين قدما في ظل امتلاكها حاملة الطائرات الثالثة الجديدة وخطتها لإقامة قاعدة عسكرية قبالة الساحل الأطلسي، يبدو قانون تفويض الدفاع الوطني متأخرا خمس خطوات بالنسبة لمواجهة التهديدات الحقيقية».
من ناحية أخرى، تتجاهل إدارة بايدن مذكرة بودابست لعام 1994، التي التزمت فيها الولايات المتحدة، وروسيا، وبريطانيا «باحترام استقلال وسيادة أوكرانيا وحدودها الحالية»، و«تجنب التهديد بالقوة أو استخدامها ضد الدولة»، وكان لتلك التطمينات دور أساسي في إقناع الحكومة الأوكرانية بالتخلي عما بلغ ثالث أكبر ترسانة نووية في العالم، تشمل حوالي 1900 رأس حربية نووية.
وبالإضافة إلى ذلك، تسارع إيران في تهديد إسرائيل، ومنطقة الشرق الأوسط بسلاح نووي، ومن الواضح أن هذا الأمر «كبير للغاية» بالنسبة لبايدن وفريقه سيئ الحظ.
وذكر الباحثان أنه رغم التأكيدات بالحماية التي تم وعد أوكرانيا بها في مذكرة بودابست، يقول بايدن: إنه لن يقرر مشاركة قوات قتالية أمريكية في الدفاع عن أوكرانيا ضد أي غزو روسي، وبالتالي يزيد من ضعف «مصداقية واشنطن السيئة بالفعل على المسرح العالمي».
فبعد يوم واحد من تحذير بايدن للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه سوف يواجه عقوبات اقتصادية «شديدة لم يشهدها مطلقا من قبل» إذا قامت روسيا بغزو أوكرانيا، قال صراحة: إن إرسال قوات قتالية إلى أوكرانيا «أمر غير مطروح على الطاولة».
قرارات بايدن
ويقول الباحثان: إنه لا شك أن الرئيس الصيني تشي جين بينغ يراقب قرارات بايدن وتصرفاته الخاصة بأوكرانيا ليستقي منها الدلائل والمؤشرات فيما يتعلق بتايوان.
إذ إن تشي يتوق لعودة تايوان إلى حضن الوطن الأم بعد عقود من الانفصال، وهو انتصار قومي من شأنه أن يساوي إنجازات تشي بإنجازات ماوتسي تونغ، ما الذي ستفعله أمريكا إذا حاولت الصين بالقوة إعادة تايوان إليها؟
وتماما كما هو الحال بالنسبة لأوكرانيا، ليس هناك التزام وفق أي معاهدة بالقتال للحفاظ على استقلال تايوان وسيادتها.
ويقول الباحثان: إن بايدن أمر مؤخرا بمقاطعة دبلوماسية لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية في الصين، وبينما سوف يشارك اللاعبون الأمريكيون في الدورة، لن يحضر أي مسؤول حكومي أمريكي بصفة رسمية، فهل من المفترض أن يروع هذا الصينيين أو يؤثر عليهم؟ ومن الصعب لأي أحد اعتبار ذلك أمرا مقنعا.
وأكد الباحثان أن عجز إدارة بايدن أو إجراءاتها المتعثرة الفاترة - إذا أرغمت الصين تايوان على الخضوع - سوف يزعزع مصداقية التزامات المعاهدات الأمريكية تجاه اليابان، وكوريا الجنوبية، والفلبين، وأستراليا، وقد يؤدي ذلك على المدى الطويل إلى أكبر إعادة رسم للخطوط السياسية العالمية، مما سيلحق الضرر بأمريكا طوال عقود.
نووي إيران
ويتابع الباحثان: هذه التحديات - بما في ذلك هروب نووي من جانب إيران «بشكل مقلق في القريب العاجل» - لا تغيب عن أذهان المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وتقول الصحفية الإسرائيلية كارولين جليك: «إن الدلائل تتزايد على أن أعضاء الأركان العامة للجيش الإسرائيلي والموساد بدؤوا يدركون أن الولايات المتحدة لا تشارك إسرائيل هدفها المتعلق بمنع إيران من أن تصبح دولة نووية».
وأثناء الاجتماع الأخير للمجلس التنفيذي لصحيفة «وول ستريت جورنال»، قال وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات الأمريكية المركزية، بصورة محيرة: لا توجد دلائل على أن طهران تحاول تسليح برنامجها النووي، وإن الوكالة «لا ترى أي دليل على أن المرشد الأعلى الإيراني أصدر أي قرار للتحرك للتسليح»، من ناحية أخرى، تقوم إيران بتعجيل برنامجها لتخصيب اليورانيوم - المطلوب للأسلحة النووية - وهناك تقارير مختلفة تفيد بأن إيران تمتلك بالفعل قدرة نووية.
وقال الباحثان: إن ضعف إدارة بايدن يشجع أعداء أمريكا ويخيف أصدقاءها، مما سيدفع الكثير من الدول الأخرى للتحرك بقوة نحو امتلاك أسلحة نووية، طالما ليس بإمكانها الاعتماد على أمريكا لنجدتها.
ويؤكد الباحثان أن أوكرانيا، وتايوان، وإسرائيل، كلها بؤر توتر محتملة ذات تداعيات عالمية، فهل تقدم إدارة بايدن قيادة قوية، واضحة للعالم؟ هل الأصدقاء والأعداء مقتنعون مطلقا بالعزم الأمريكي؟
ويختتم الباحثان تقريرهما بالقول: «للأسف الإجابة الوحيدة الآن هي لا».