أحقا تلك هي سوق الكتب مؤخرا...
أم أن القراء يحاولون جاهدين تنظيف أرفف المكتبات من الغثائية، لتعود لها هيبتها وللروائع قيمتها وللعلوم مكانتها؟
أم أنه يعد مؤشرا على أن كل واحد من المتزاحمين يبحث عن حياته في رواية، ليرويها لذاته كحكاية!
لربما يقرأ فيها مستقبله، أو يفهم من خلالها التناقضات التي تحيط به، والشخصيات التي لا تفتأ تفتك به وتخذله، وأقرب الناس إليه وهم في الحقيقة أبعدهم عنه، وأبعدهم منه وهم بحق أحب إليه، وذلك الغريب الذي يفهمه، وتلك القريبة التي لا تريد الخير له، واللقاءات بمَن يحب التي تنتهي بما لا يحب، والتأويلات التي لا حد لها ولا عد، ولغز التنافسية المقيت الذي لا حل له.
وكيف لهؤلاء الناس يملكون القدرة والعزيمة على المكيدة بلا كلل ولا ملل، وكأن الحياة كرة نار يتقاذفونها بينهم لتعود إلى صدورهم.
ثم ماذا؟
ثم يعود كل إلى مخدعه، ومضجعه، ليشكو قلة حيلته، وغدر الأحبة به، رغم أنه يعلم يقينا بأنه ليس بريئا من تلك اللعبة، وبريء بنفس الوقت منها!
إذ يجد نفسه مضطرا لذلك -حماية له- كي لا يعبث به، فيبقى صامدا في وجه أعتى أحبته.
وما أن يختلي بذاته وقد تخطفتها ألسنة لهب الحياة والأحياء وكل من حوله، في محاولة للاطمئنان حتى يفاجأ بأن اختلاءه لا يصفو له، وأن أحداث الأمس تراوده، وحاضره يؤرقه، ومحاذير الغد تنهش به!
وكأنه قد حكم عليه بالحرمان من متعة لحظته، وتأمل جمال حياته، ولذة قهوته، وروعة من يحيط به، وعمق أنفاسه، وجمال الدنيا به.
يا من بيده حروفي، وتقرأ مقالي....
أي نعم أنت...
أما آن لفارس الحروب الذي بك أن يترجل، وذهنك المشتت أن يهدأ ويتعدل، لتعود إلى طبيعتك التي تحب، بذهنك النقي الهني الزكي الهادئ المتزن.
علام تنتظر؟ وإلى من تنظر، وبين حناياك روحك التي تترقبك، وذاتك التي تتوق لعودتك، وقد هجرتها حتى صرت أجهل الناس بك!
ومن جهلت نفسه قدره ... رأى غيره منه ما لا يرى «المتنبي»
عد إليك، فلن يصدقك غيرك، ولن يحبك أحد كإياك، أفلا تستحق أن تفخر بك، وأن تعتني بأنفاسك، وأن تجدد العهد بروحك، وتزيد من نجاحاتك، وتحقق طموحاتك، وتنافس منجزاتك، لتكون اليوم أروع من أمسك، وغدا أكمل من يومك.
في الطائرة يطلب منك ارتداء قناع التنفس أولا قبل أن تنقذ أحب الناس إليك، لأنه باختصار إن لم تفعل فلن تبقى لمَن تحب.
ثق تمام الثقة، بأنك لن تفيض بالخير والمحبة والفضل إن كنت مكسورا، مهما تظاهرت بالقوة، ولا يعني ذلك أبدا أن تعيش لذاتك وبمعزل عمن لهم حق عليك، ولكن حذار من أن تكون فاقدا لك، فتعجز عن العطاء لغيرك، ففاقد الشيء لم ولا ولن يعطيه.
فما مضى منك لن يعود، ويومك إن لم تتلذذ به مفقود، وقادم أيامك هو حكايتك التي بين يديك، فاكتبها عنك بعناية لتكون أجمل رواية.
@nayefcom