غالبا ما يحب الناس التكنولوجيا لأنهم يعتمدون عليها في جعل حياتهم أسهل لكنهم لا يشعرون دائما بالسعادة حيالها. ورأيي أن الحميمية في الحياة تتضاءل مع كل تقدم في التكنولوجيا التي ما زالت تتقدم لتكون جزءا رئيسا في كل تفاصيل الحياة إلى درجة صعوبة تعريفها. أحد الأدلة على هذا الانتصار هو أنه من الصعب تحديد ماهية «التكنولوجيا»، فالرعاية الصحية تكنولوجيا. والترفيه والمدارس كذلك. والمعاملات المالية ووسائل النقل وطلبات الطعام. نعيش من خلال التكنولوجيا في كل شيء. مثل هذه الأسئلة كانت حاضرة في النشرة الدورية عن التكنولوجيا التي تصدرها صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية قبل نهاية العام متسائلة عن مستقبل التكنولوجيا وشركاتها العملاقة في المدى المنظور.
صحيح أن هوامير التكنولوجيا صاروا أكبر وأقوى في عام 2021، لكنهم بدوا أكثر عرضة من أي وقت للتراجع بسبب التنظيمات الخاصة بالمنافسة والحد من الاحتكار فضلا عن المزاج العام للجماهير وغرور تلك الشركات القوية. طرحت النشرة سؤالا عن إمكانية أن يأتي زمان يمكن أن تقهر فيه شركات مثل Google وAmazon وApple وMicrosoft وFacebook، التي تعادل قيمة إحداها apple مثلا بكامل قيمة سوق الأسهم الألمانية إذ تقدر قيمة آبل السوقية بنحو ثلاثة تريليونات دولار.
ومع أن تلك الشركات حققت الأرباح والنمو في 2021 إلا أنه شهد علامات على ضعفها كما اعتبرها تحليل نيويورك تايمز. جيف بيزوس الرئيس التنفيذي لشركة أمازون تنحى من منصبه هذا العام واستقال بعض رؤساء التكنولوجيا الآخرين أيضا. مارك زوكربيرج رئيس Facebook ظهر قلقا من مدى قدرته على البقاء على اتصال مع جمهور فيسبوك من الشباب. الحكومات بدت مؤثرة في هذا المشهد، فحكومة الصين متخوفة من قوة نجوم التكنولوجيا في البلاد لدرجة أنها اتخذت إجراءات صارمة ضد بعض الخدمات الرقمية الجماهيرية. في لندن وبروكسل وسيئول وحتى في واشنطن وفي دول أخرى غيرها يحاول المنظمون والمشرعون إقامة حواجز حماية جديدة للسيطرة على ما يرونه آثارا ضارة لقوة شركات التكنولوجيا في حياة المجتمعات والصناعات الأخرى.
عام 2022 قد لا يشهد تغيرا في حال شركات التكنولوجيا، لكن دورة الحياة في الأعمال والصناعة تقول بأن استمرار النفوذ بحجم ما تفعله التكنولوجيا اليوم لن يستمر للأبد. كما أن التوقعات بازدهارها المستمر قد لا تكون دقيقة تماما كما هي دقة التنبؤات بأن تحل قريبا السيارات الذاتية بدل المركبات التي يقودها البشر أو أن يصير توصيل الطرود معتمدا على الروبوتات بدل البريد.
woahmed1@