هي «الثقافة»، التي تجمع الشعر والنثر والأدب وعجائب اللغة والمعرفة في أي جانب، وهي بحر لا شاطئ له، ولا يدركه شخص من عمقه ووفرته.
ولكن هذا المصطلح القوي «مضمونا» قد رسم عليه صورة نمطية من أشخاص ظنوا بأنهم رواد الحركة الثقافية ممن جعل الكثير من هذا الجيل ينفرون نفور الكاره.
أصبحوا ينظرون لكل صغيرة وكبيرة، وينتقدون من أجل الانتقاد، حتى وصلوا لمرحلة رسموا في الأذهان أن المثقف يجب أن يرتشف القهوة كل صباح، ونظارات تحتضنها رقبته، مع قلم ودفتر في جيبه أينما حل ورحل.
ليست الثقافة بالتنظير والظاهر، وإن كنت سأبتعد عن الواقع قليلا ولكن الثقافة اليوم هي على ركيزتها الأساسية على الأخلاق، ومدى ما ترتفع ثقافة الشخص يرتفع معها التواضع، فلم نجد من هؤلاء المتثيقفين سوى التكبر والنقد، الذي لا يصب لهدف سوى لهدم كل موهبة، وكأنهم هم مَن أنشأوا الأبجدية!
الثقافة إجمالا ليست محتكرة على شخص دون الآخر، وكل مَن يملك موهبة أو علما في مجال معين دون آخر، فلديه ثقافة في مجاله الخاص، فلو اجتمع طبيب ومهندس ومعلم و... إلخ، فلكل شخص منهم ثقافة محددة في معرفته وعلمه، وبإمكان كل شخص منهم نشر ثقافته الخاصة للآخرين وللمجتمع من حوله للاستفادة منها، ولكن حين يتطفل شخص منهم على الآخر بانتقاد غير مبرر ومحاولة إبراز نفسه على حساب الآخر، يتردد الآخرون في نشر ثقافتهم الخاصة للآخرين.
ثق تمام الثقة أن الثقافة ليست شخصا، وليس هناك مَن يجب أن تسميه مثقفا!، اجعل هذا المصطلح فضفاضا لكل شخص، وكما قال أحدهم، راعي الغنم مثقف، فهو يحمل ثقافة الرعي، وعامل النظافة يحمل أسمى الثقافات وأرقاها وهي النظافة، وكما جاء في الحديث الصحيح «بني الدين على النظافة».
لا تسلم عقلك لأحدهم ولا تجعل كلماتهم محورا لكل أعمالك، ثق بنفسك وإن كانوا صادقين، وبعض من هؤلاء المتثيقفين كالمنجمين ينثرون كلاما مستقبليا وسيحدث بطبيعة الحال، فإن مَن يكتب عشرات الكتب فقد يصيب في أحد سطورها، وليس لبقيتها سوى حبر يغطي بياض الصفحات.
@asir_26