ومن ذلك أني تلقيت قبل مدة سؤالا من إنسان أعتَقَد أن لديه معرفة في الفن، وأهله، وفيما يجب، ولا يجب أن يقدم للرموز، والمؤسسين للحركة الفنية في بلادنا، السؤال يقول: «ما رأيك فيما تقوم به قنوات.... من إنتاج فيلم عن حياة، وتاريخ المطرب غير السعودي فلان الفلاني، أليس أحق بذلك اسم سعودي من رموزنا الفنية وما أكثرهم». وأكمل السؤال الطويل، «لو كنت أنت المسؤول في هذه القناة مَن تختار من الفنانين السعوديين لتمثل قصة حياته في إنتاج وثائقي، للتعريف به للأجيال في المملكة؟».
في المقام الأول، أشكر السائل الكريم، الذي أتمنى أن يجد إجابتي الصادقة في هذا المقال، وإن كنت في الحقيقة آخر مَن يُسأل في هذا الميدان لأن موضوع إنتاج قناة لفيلم وثائقي لفنان عربي، لا يعني أن الفنانين السعوديين غير جديرين بأن تنتج لهم أفلام وثائقية تؤرخ لسيرة حياتهم، وترصد تجربتهم الفنية، المفيد أنني لست من أهل الكار، وليس لدي معلومات عن سبب توجه القناة، التي ذكرها السائل إلى هذا العمل، وإلى اختيار ذاك المطرب بعينه، ودون غيره من نجوم الفن، والطرب في الوطن العربي.
الشيء المهم، الذي أجدني ملزما للحديث عنه في هذه المساحة أن لدينا عادة بأن نسأل الإنسان، الذي يطل علينا في ميدان، وتخصص معين عن كل شيء، وأعتقد أن ذلك يخلق عبئا على المسؤول غير المتخصص، ومن أمثلة ذلك بعض اللقاءات، التي نتابعها على شاشات التليفزيون أحيانا مع لاعبي كرة القدم، وهم نجوم بطبيعة الحال في ميدانهم، لكن من غير الإنصاف أن نطلب منهم رأيا في الفن، أو المجتمع، أو غير ذلك من التخصصات.
ولكي لا أهرب من سؤال القارئ الكريم أقول فيما يخص الجزء الثاني من سؤاله الضافي، لو قدر لي أن أختار شخصية فنية ينتج لها فيلم وثائقي، وإن كان مختصرا لسيرة حياته، فسأختار المرحوم الفنان حيدر فكري، هذا الرجل الكفيف المولود في منتصف أربعينيات القرن الماضي، الذي تعلم الفن في جمهورية مصر العربية، وكافح ودرس على يد كبار الموسيقيين من أمثال الأستاذ الموسيقار محمد عبدالوهاب، وكانت دراسته للفن في بيروت والقاهرة على طريقة برايل، وغنى مجموعة من الأغاني، التي لا تزال مبعثا للطرب، والشجن، وكان متأثرا بمدرسة المرحوم طلال مداح حتى قيل إنه بدأ حياته الفنية بأغنية للراحل أبو عبدالله، ومات وهو يغني بصوت يشبه صوت الأرض.
@salemalyami