تصنيفات أخرى للأمية انضمت إلى جانب الأنواع السابقة، ومنها الأميّة «الوظيفية»، وتعرف بعدم قدرة الشخص على فهم مبادئ وأساسيّات طبيعة العمل والوظيفة التي يشغلها، وكذا «العلمية» وتتجسد في عدم الحصول على المستوى التعليمي المطلوب والشهادات، وأيضا «البيئية» وهي الجهل بكل ما يتعلق بالبيئة وعدم قدرة الإنسان على التفاعل معها وحمايتها، وأخيراً «المهنية» وتتضمن عدم معرفة الشخص بالمهن، التي توافق قدراته.
دراسة موسعة أجراها باحثون بجامعة كولومبيا الأمريكية، توصلت إلى أن «الأميين» قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالخرف بمعدل ثلاث مرات، مقارنة بالذين يجيدون القراءة والكتابة، وأن خطر سرقة الذاكرة تضاعف ثلاث مرات لدى أولئك، الذين لم يتعلموا أبدا القراءة أو الكتابة، وأوضحت أن الإلمام بالقراءة والكتابة يتيح المشاركة في الأنشطة المحفزة للدماغ، وبالتالي فإن تداعيات الأمية لا تقتصر على النواحي الحياتية فحسب، وإنما تنعكس سلباً على سلامة صحة الإنسان العقلية.
في هذا الإطار، دعا البرلمان العربي مؤخراً، لتكثيف الجهود في مجال محو الأمية بجميع أشكالها، وسلط الضوء على الأمية الرقمية، وكذلك «الثقافية»، وأطلق جرس إنذار من خطر نمط رابع وهو «أمية اللغة العربية» حتى بين الحاصلين على أعلى الشهادات الجامعية، ونبه إلى أنها حقيقة مؤلمة يجب الاعتراف بها من أجل حلها، وطالب خلال احتفالية نظمتها جامعة الدول العربية بمناسبة «اليوم العربي لمحو الأمية 2022» تحت شعار «محو الأمية.. بناء للإنسان وتنمية للأوطان»، بمساندة الدول، التي تعاني من الصراعات والأزمات ومساعدتها في مجال التعليم ومحو الأمية، ومنها «على سبيل المثال» الجمهورية اليمنية، التي تعاني تدهورا في أوضاع التعليم بسبب الممارسات غير الإنسانية لميليشيا الحوثي الانقلابية.
المملكة حققت قفزات ومنجزات لافتة في مجال محو الأمية وتعليم الكبار، وبذلت وزارة التعليم جهوداً كبيرة في خفض نسبة الأمية من 5.6 % في 2019 إلى 3.7 % في 2021، من خلال 1314 برنامجاً تدريبياً -عن بُعد- في مراكز الأحياء، استفاد منها أكثر من 90 ألف مستفيد ومستفيدة، إضافة لتوفير البدائل التعليمية بمنصة «مدرستي»، وتسجيل الدروس عبر قنوات «عين» التعليمية لجميع المراحل، وإتاحة برامج نوعية تعليمية وتدريبية مناسبة للكبار وتلائم احتياجات سوق العمل، تحقيقاً لرؤية المملكة 2030 وتطلعاتها نحو تحقيق التنمية المستدامة والتعلّم مدى الحياة، وإيماناً بأهمية تكافؤ الفرص في التعليم، وأحقية كل فرد في الانضمام لرحلة التعلم.
لم تتوقف الجهود السعودية «محليا»، وإنما امتدت إلى اليمن من خلال عقد وقّعه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية للمساهمة في معالجة التحديات الرئيسية، التي تواجه المؤسسات التعليمية في مجال رعاية الأطفال ذوي الإعاقة، ومحو أمية الطلاب، وتحد من اندماجهم في المجتمع اليمني، ودعم وتوفير التجهيزات في 19 مركزا لتأهيل ورعاية ذوي الإعاقة و10 مدارس لمحو الأمية في 3 محافظات يمنية.
مكافحة الأمية في وقتنا الراهن لم تعد «خيارا» أو«ترفيهاً» في حياة متسارعة الإيقاع تعتمد كلياً على العلم والتطور في كل لحظة.