[email protected]
ألاحظ من خلال ما أقرأ من أشعار في ملاحقنا الأدبية والثقافية هذه التجارب الجديدة، سواء كُتبت على شكل تفعيلي أو منثور، وهي تشكو من مجموعة من العِلل على رأسها هذه «الضحالة الثقافية»، إن جاز القول، وهي ضحالة مكشوفة قد تبدو لكل قارئ حتى وإن كان هذا القارئ على درجة ضعيفة من «التذوق» الشعري، ومنشأ هذه الضحالة، كما أحدس «وأرجو أن أكون مصيبًا في هذا الحدس»، يعود إلى هذا «الاستسهال» الكبير الذي يشعر به بعض «المتشاعرين»، حيث يكتبون تجربة معينة مرّت بهم أو مرُّوا هم بها، وهو استسهال يظنون أنه خير سبيل يوصلهم إلى القمة بسرعة البرق، فهم يريدون الوصول إلى النتائج دون أن يتجشّموا مشقة السفر إلى الوصول، وهذه معضلة من «المعضلات الكأداء» التي تواجه شعراء اليوم، فهم يرفضون التراث أحيانًا حينما يرددون مقولات «أدونيس» وتلامذته ومريديه، ولكن دون استيعاب مُثمر لتلك المقولات.
ولعل من الخطأ في حالات كهذه أن يبني الشاعر تجربته من فراغ، فلابد أن يحمل معه وهو «يسبر أغوار تجربته» مشروعًا ثقافيًا معينًا من سماته حصيلة قراءات جادة واعية، بمعنى أن يتوصل الشاعر إلى تحديد أولويات اهتمامه ثم يسعى بعد ذلك إلى دعمها بحصيلة معرفية معينة؛ ليتوصل إلى نتيجة تجربته الشعرية، ولعل من العِلل الكثيرة التي تواجه «الحركة» الشعرية التي نعيشها اليوم «إن صحت تسميتها بالحركة»، هو جهل كثير من الشعراء «لخصوصية» الشعر، وأحسب أن ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى قراءات ضحلة خاطفة للشعر الأجنبي المترجم إلى لغتنا العربية، فيظن بعضهم أن «هذا هو الشعر» فيحاولون تقليده، فتخرج أعمالهم مهزوزة ضعيفة خالية تمامًا من تقنيات كتابة الشعر؛ لأنها خالية من روح الشعر أو خصوصيته.
[email protected]
[email protected]