لم يكن الدكتور عصفور مجرد ناقد بارع يكتفي بوضع بصماته البارزة في تاريخ النقد الحديث، بل كان عنواناً للمثقف الموسوعي والمهموم إلى حد الهوس بالثقافة وتحدياتها، ويكفي أنه مؤسس مجلة فصول النقدية، التي كانت حدثاً استثنائياً في مسيرة النقد العربي، والدراسات الثقافية عموماً، كما عرف عن الدكتور عصفور براعته في القيادة والإدارة، ولذا شغل منصب الأمين العام للمجلس الثقافي المصري طيلة 14 عاماً، ومديراً للمركز القومي للترجمة فترة طويلة جداً، بالإضافة إلى كونه أستاذ النقد العربي في جامعة القاهرة، وأستاذ زائر لدى بعض الجامعات الخليجية والعربية والأمريكية، ويعود نجاحه الإداري إلى شخصيته المرنة وقبوله لجميع الآراء والاختلافات برحابة صدر عجيبة.
نعود إلى مصنفاته، التي تعد مرجعاً في علوم النقد الحديثة، ولعل أبرزها وأكثرها أهمية: محنة التنوير وأنوار العقل، وزمن الرواية، وغواية التراث، والنقد الأدبي والهوية الثقافية، ونقد ثقافة التخلف، وتحديات الناقد المعاصر، وزمن جميل مضى، وهوامش على دفتر التنوير، وقد نال الدكتور عصفور تقدير المراكز الثقافية العربية، فنال الوسام الثقافي التونسي عام 1995م، وجائزة سلطان العويس في حقل الدراسات الأدبية والنقد عام 1997م، وجائزة الدولة التقديرية في مجال الأدب عام 1999م.
وفي الختام، رحم الله الفقيد وألهم أهله وتلاميذه وقراءه ومحبيه الصبر والسلوان.
@albakry1814