النّاس أذواق..
كثير ما نسمع هذه العبارة، التي اتفق معها تمامًا.. لكلّ مجتمع ذوقه الخاص.. بل لكل فرد في داخل المجتمع ذائقته الخاصة، التي تشكّلت من خلال تجربته وعيشه في هذه الحياة..
إن كانت المسألة نسبية إلى ذلك الحد، فهل هناك مجال لأي معيار في التذوّق للتمييز بين الأشخاص؟
هل هناك متذوّق «جيّد» ومتذوّق «سيئ»؟
إن كان هناك تصنيف في ذائقة الأشخاص، فكيف هو؟ وكيف شكله؟
استمعتُ إلى حلقة من حلقات سوالف بزنس من إذاعة ثمانية بين مقدم البرنامج مشهور الدبيان وبين حسان الأنصاري مؤسس شركة خاصة
تعلّمتُ في تلك المقابلة من حسان ما تعلّمه هو في الأدب.. يقول حسّان إن الأدب يقسّم الناس في قدرتهم على تذوّق كل ما يُرَى ويُسمَع ويُشَم والحكم عليه بالجمال أو القبح إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول هم أصحاب الذوق السقيم، وهم ليسوا مَن يملكون ذوقًا سيئًا لأن ذلك نسبي كما قلنا.. بل هم مَن لا يملكون بوصلة لأذواقهم ولا يستطيعون التمييز بين القبيح والجميل.. تجد شخصًا لا يستطيع أن يميز إن كانت الموناليزا جميلة أم قبيحة.. أو تجد شخصًا آخر لا يستطيع أن يحكم على فيلم Titanic إن كان جيدًا أم سيّئًا.. هم لا يهتمون فقط..
القسم الثاني هم أصحاب الذوق السلبي، وهم مَن يستطيعون تمييز الجمال ولديهم ذائقة محددة لكن لا يستطيعون تبريرها.. تجد شخصًا لا تعجبه موسيقى الموسيقار ياني مثلاً لكن لا يعلم لماذا.. يدّعي أصحاب الأدب أن غالبيتنا نقع تحت هذا الصنف من أصحاب الذوق..
القسم الثالث والأخير هم أصحاب الذوق الإيجابي، وهم مَن لديهم حس ذوقي تجاه الأشياء ويستطيعون تبرير رأيهم تجاه الأذواق المختلفة.. أن أرى شيئًا جميلًا وأعلم لماذا أراه جميلًا..
حسنًا..
لماذا كلّ ذلك مهم؟
لماذا يجب أن أعلم أين أقع بين هذه الأصناف؟
لا أحد يختلف أنّ تذوّق الجمال أمرٌ جيّد، ولكن معرفة لماذا نحب ما نحب ونكره ما نكره يساعدنا في معرفة ذواتنا..
حين أعلم أن كرهي لبعض الموسيقى هو ارتباطها بموقف صعب مررتُ به، حينها أعلم كيف أتعامل مع نفسي، وكيف أتجاوز تلك العقدة، التي ألمّت بي..
إذًا نجد هنا أن الهدف هو أن نصير من أصحاب «الذوق الإيجابي»..
وفي نظري، الطريقة الوحيدة لتنمية الذائقة بشتّى أنواعها هو استمرار تذوّق الجمال على كل الأصعدة..
استمرار مشاهدة الأفلام مثلًا سيخلق للإنسان ذوقًا محدّدًا يستطيع أن يقيس به ما يحبه وما يكرهه.. مشاركة الآراء الذوقية مع الآخرين تخلق للإنسان معياره، الذي يستطيع التمييز به أيضًا فيما بعد..
@HussainAloufi