[email protected]
لا أكاد أميل إلى صحة التقسيم العقدي للأجيال الشعرية، فهو تقسيم غير منطقي، ولا أحسب أن بإمكاننا، وفْقه، أن نرصد الملامح الأساسية لأي بُعد فني قد يتمتع به هذا العقد أو ذاك، بمعنى أننا واجدون من شعراء عقد السبعينيات مَن لا ينتمي إلى التجارب الشعرية لتلك الحقبة من الزمن، وربما لا نجد أي انتماء فني بين ما تطالعنا به تجارب تلك الحقبة، وهي تجارب فنية واضحة وبين كثير من المعطيات الشعرية ذات الدفقات الفنية الجميلة الخاصة بذلك العقد، فهل يحق بالفعل أن نصفق كثيرًا لتلك التقسيمات؟.. أنا أجد أن من الخطأ السائد أن نستمر في الاهتمام بتلك التقسيمات بطريقة توحي بأن لكل عقد زمني معين طريقة معينة في التعبير، أو مدرسة خاصة غير متأثرة بالمدارس السابقة، وأجد أن بإمكاننا بدلًا من اللجوء إلى تلك التقسيمات أن نحدد التقسيم وفق مرحلتين هامتين مر بهما الشعر الحديث، أولاهما حركة التجديد في الشعر، وهذه لها فرسانها المعروفون وحركة الاتباع أو التقليد، وهذه أيضًا لها فرسانها المعروفون، ونأخذ طبقًا لهذه التجزئة «العقلانية» في سبر أغوار هاتين المرحلتين، وإعطائهما ما تستحقانه من الدرس والنقد.
وأظن أن الملامح الفنية لشعراء المرحلتين معًا واضحة دون لبس، وبالتالي فإن بإمكان النقاد أن يضعوا أيديهم على ملامح هاتين المرحلتين بطريقة تخلو من التعقيد، أما أن يُقال إن لكل عقدة زمنية مدارسها الشعرية الخاصة التي قد تختلف مضامينها وأشكالها عن المدارس القديمة، أو القول بمعنى آخر إنها غير متصلة بالتراث، فهدا أمر يبدو أنه موغل في الخطأ، وربما موغل في العيب أيضًا، ذلك أن الأدب بنثره وشعره متواصل الحلقات، فمن الصعوبة بمكان أن نفصل حلقة عن الأخرى، وندّعي بعد ذلك أن لكل واحدة من تلك الحلقات خصائصها المميزة التي تنفرد بها، وإذا تأملنا الواقع من خلال معطيات شعراء تلك العقود أو الحقب الزمنية لوجدنا أن «الانفراد» وهْم لا صحة له على الإطلاق، ولوجدنا أن تلك «الخصائص المميزة» هي وهْم كذلك يعشش في أدمغة بعضنا، ولا صحة له من خلال تلك المعطيات الفنية المتدفقة.
[email protected]
[email protected]