في الآونة الأخيرة نجد هناك من يروج لفكرة أن الحشيش والخمور لا تسبب الإدمان وهذا الكلام خطير جدا ألا يعلم هؤلاء خطورة مقولتهم هذه؟؟ ألا يعلمون كم من الأمهات والآباء يعانون من ابن متعاط أو مدمن؟ هل سبق واستمعوا إلى شكوى أب أو أم أو زوجة؟ ألا يعلمون كم من الأسر انسحبت اجتماعيا وأصبحت تعيش في عزلة اجتماعية جراء تعاطي أحد أبنائها، قد يقول البعض وما شأن العائلة؟ نعم صحيح هو خطأ الابن لكن نحن نعيش في مجتمع مترابط متواصل جراء تعاطي أو إدمان هذا الابن يعيق الأسرة ككل من التقدم والتغيير وتأخير الزواج من هذه الأسرة أو تزويج أحد أبناء هذه الأسرة، فالإدمان أو التعاطي أضراره النفسية والصحية والاجتماعية ليست فردية تخص المتعاطي أو المدمن بل تصيب حتى أسرته والقريبين منه، فالحشيش والخمور هما بوابة الدخول للمخدرات الأخرى مثل الشبو والهيروين والكبتاجون والجابنتين وغيرها، وقد يسأل سائل لماذا هما بوابة الدخول للمخدرات أو بطريقة أخرى لماذا المدمن ينتقل من مخدر إلى آخر أو ما يسمى بلغة العلم (الاستخدام المتعدد للمواد المخدرة) ينتقل المدمن من مادة إلى أخرى وذلك نتيجة لأن الجهاز العصبي أدمن على مادة معينة وأصبح الجسم معتادا عليها ولم تعد تؤثر نتيجة استمراره في تعاطيها، أي يفقد المتعاطي نشوة المادة والشعور الذي تعطيه هذه المادة فيصبح مشتاقا لمادة أخرى تعطيه شعور أول جرعة تناولها أو تعاطاها وهكذا يستمر في الإدمان والتعاطي.
ومن جانب آخر مما يزيد المدمن في التعاطي والغوص أكثر في عالم المخدرات الأعراض والآثار المصاحبة للمادة المخدرة فبعض المواد المخدرة من أعراضها الجانبية أنها تسبب هلاوس سمعية وبصرية أي يصبح المدمن يسمع ويرى أشياء ليست في الواقع وحتى يتخلص من تلك الهلاوس يتعاطى أكثر وهكذا.
ومن جانب آخر أيضا من الأعراض المصاحبة تكون هناك صفتان متلازمتان في أي متعاط ومدمن وهما الشك والكذب ويصاحبهما عدم الثقة بالآخرين، وكذلك الآخرون لا يثقون به، وفي هذه المرحلة يدرك المتعاطي والمدمن أن الآخرين لا يثقون به، وفي هذه المرحلة يصل بعض المدمنين إلى سلوكيات جديدة لم تكن موجودة فيه من قبل مثل السرقة والعنف والعدوان والتهجم والتهديد وكثرة الحوادث في السيارة، وهنا يدخل مرحلة عدم الثقة ودخول المدمن إلى دائرة عدم الثقة يجعله يغوص أكثر في الإدمان ودائرة الثقة تحتوي على مراحل وهي، شعور المدمن بعدم ثقة الأسرة فيه مما يجعله يشعر بعزلة والعزلة تكون نوعين عزلة نفسية وعزلة اجتماعية ونتيجة تلك العزلة يشعر بالاكتئاب وحتى يتخلص من شعور الاكتئاب يتعاطى أكثر ظنا أنه سيتخلص من الاكتئاب بالتعاطي وهذا وهم، إنما التعاطي يعطيه شعورا مؤقتا فقط بالراحة وبعد انتهاء مفعول المخدرات يشعر باكتئاب أكبر وأقوى من قبل مما يجعله يغوص أكثر ويتعاطى أكثر.
وهذا ناهيك عن المشاكل الاجتماعية والجرائم الناتجة عن التعاطي والإدمان، فنحن كأخصائيين ومعالجين لمرضى إدمان المخدرات، نواجه مشكلة كبيرة جدا مع بعض المرضى وهي أنهم لا يرون أن المخدرات هي سبب مشاكلهم فتصبح أول نقطة في الخطة العلاجية توعية المريض بخطورة الإدمان.
في الأخير الحشيش والخمور هما بوابة الدخول إلى عالم المخدرات والجرائم وليست هناك مادة أقل من مادة أخرى، نعم المواد تختلف في درجة التأثير لكن خطورتها واحدة ونتيجتها كذلك واحدة وهي إما السجن أو الموت بجرعة زائدة.
@mohammed_alawam