وما أعنيه هنا ليس هذا وذاك وإنما التباعد في العلاقات وذلك بترك مساحة كافية بين أطراف العلاقة الواحدة تسمح لكليهما أن يمارس حياته بحرية بعيدا عن الملكية المقيتة وحب التملك.
فالبعد النسبي بين العلاقات عامل مهم من عوامل استمرارها ونجاحها، فذلك يضفي عليها طابع النضج والوعي والإدراك.
وكما قيل في الأثر: (أحبب حبيبك هونا ما فربما يكون عدوك يوما ما وأبغض عدوك هونا ما فربما يكون حبيبك يوما ما).
فالعلاقات المتباعدة، التي توضع لها حدود وقوانين منذ البداية تجد أن كلا أطرافها يحترم الآخر ويراعي حقوقه وواجباته مما يجعلها أكثر أمانا واستقرارا.
فالانصهار التام في الآخر يطمس معالم شخصيتك، ويحولك مع الوقت إلى نسخة كربونية طبق الأصل من الشريك، اترك للآخرين حرية الاقتراب والابتعاد عنك، لا تجبر أحدا على البقاء ولا على الرحيل، توقف قليلا واترك لهم مساحة ليحلقوا بعيدا عن سمائك فإذا ما عادوا إليك، فاعلم أنك جزء لا يتجزأ من حياتهم ولن يرحلوا بلا عودة.
قف مكانك لا تلحق بهم ولا تطلب منهم الاقتراب، اقترب وابتعد بقدر، لا تكن قريبا فيعتادوا وجودك ولا تكن بعيدا فيعتادوا غيابك وكن في مكان ما بينهما، فلكل منا حياته واهتماماته الخاصة وهواياته التي يحب أن يمارسها بحرية.
استمتع بحياتك بكل سكينة وهدوء وطمأنينة، فالعلاقات المليئة بالضغوط والمشحونة وشيكة الانفجار في أي لحظة.
m_f1396@