وأضاف فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس، بالمسجد الحرام، إن العلماء يقومون برسالتهم التي تشمل: صلاح الإنسان، وصلاح عَقْله، وصلاح عَمَله، وصلاح ما بين يديه من موجودات العالم الذي يعيش فيه. وهذا الأمر لا يتحقق إلا بميزان الشَّرْع لا بأهواء النُّفُوس، فلا يقومُ عليه إلا أهْلُ العِلمِ المُخْلِصِون، والعلماء الرَّبَّانيون.
وأضاف: إن من عظيم فجائع هذا الزمان؛ تَحَاتّ أوراق العلماء، وموت القامات العلمية والقضائية الكبرى في الأمة، وواجب المسلمين معرفة عظيم قدرهم، والإفادة منهم وذكرهم بالجميل، والدعاء لهم أحياء وأمواتا.
وأوضح أن الإيمان والأمن متلازمان، وحُرَّاسهما صِنْوَان أصلهما ثابت وفرعهما في السماء: حُراس الشريعة، وحُمَاة الثغور، لا حياة إلا بهما، ولا يستغني عنهما أحدٌ من الناس ما دامت في الصدور أنفاس. ومنذ أن أشرقت شمس هذه الشريعة الغراء ظللت الكون بأمن وَارِفْ، وأمان سابغ المعاطف، ولقد كان الأمن أول دعوة دعا بها خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام حيث قال: «رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ»، فَقَدَّم الأمن على الرزق، بل جعله قرين التوحيد في دعائه فقال: «رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ».
بطولات ناصعة
وأكد أن أعمال البر كلها لا يتمكن منها إلا بالسلامة من العدو والتحرز منه بحراسة بيضة الدين وإقامة شعائر الإسلام. ونوه فضيلته بأنَّنَا لَنَفخر أعظم الفَخْرِ بأبطالنا رجال الأمن البواسل وحُرَّاس الثغور الأشاوس، وكُمَاة المَتَارِس، جنودنا المرابطين، وحُمَاة العَرِين، وأُبَاة العِرْنِين، ونوجه لهم من منبر المسجد الحرام تحيَّة شَذِيَّة، مُحَبَّرة مُضَوّعة مُعَطَّرَة نَدية، على نَصَاعة البطولات، والسِّجل الحافل من الانتصارات، تحيَّة إجْلالٍ واعتزاز، وثناء وافتخارٍ بامتياز، سهرتم فَنِمْنَا، وذُدتُّم فأمِنَّا، في استبسال وشجاعة خُضْتم المعامع، فوجب علينا الدعاء لكم بفيض المدامع.
وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام: من أعظم النِّعم والآلاء علينا؛ نعمة الأمن والأمان؛ فبلادُنا -بحمد لله- آمنة مرغُوسة، وفي تُخوم الأمانِ مغروسة، وهي بحفظ الله محفوظة، ومن الأعادي -بإذن الله- مصونةٌ محروسة، وستظلُّ ثابتةً منصورة بفضل الله أولا ثم بفضل أبطالنا الأشاوس، وجنودنا البواسل، ونسور دفاعنا الجوي، وصقور قواتنا المسلحة، وسائر القطاعات العسكرية، بالتعاون مع قوات التحالف المشتركة الذين أثبتوا قولا وعملا ؛ الكفاءة العالية، والجاهزية المثالية، والترقب، والتحفز، واليقظة، في اعتراض وتدمير الصواريخ المعادية، والذود عن الوطن والمواطنين وحماية المقدسات.
اللين والرفق
وذكر فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. صلاح البدير في خطبة الجمعة، أمس، بالرفق الذي هو لين الجانب ولطافة الفعل وحسن الصنيع وتقديم المداراة والملاينة وترجيح المقاربة والدفع بالتي هي أحسن وترك الإغلاظ والعجلة ومجانبة العنف والحدة والشدة ومباينة الفظاظة والصلف والقسوة في الأقوال والأفعال والخروج عن حد الاعتدال وأخذ الأمر بأحسن الوجوه وأيسرها وأسهلها، وإذا أراد الله بأهل بيت خيراً دلهم على باب الرفق وما حرم أهل بيت الرفق إلا حرموا الخير وما أحسن البيوت يزينها الرفق ويلفها اللين ويجملها العطف والبر والحنان وتغشاها السكينة والطمأنينة.
وأكد أنه من الرفق المطلوب واللين المرغوب الرفق بالمتعلم والجاهل والسائل وملاطفتهم وإيضاح المسائل لهم وإبانة الحق وتلخيص المقاصد وترك ما لا يحتملون وعذرهم فيما يجهلون وتعليمهم مالا يعلمون بالرفق واللين لا بالغلظة والجفوة والتعالي مضيفا: «ترفقوا بآبائكم وأمهاتكم وكبرائكم وشيوخكم والطاعنين في السن منكم وقدموهم وأكرموهم وعظموهم وارفعوهم وترفقوا بالعجزة والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة وأعينوهم وقربوهم وأدنوهم ترفقوا بالفقراء والضعفاء والمساكين واحنوا عليهم».