وقال: «البصمة الوراثية» هي تلك العلامات الموجودة في حمضك النووي، والتي تميزك عن الأشخاص الآخرين، ولكن المشكلة تكمن في هذا الأمر أننا قد لا نستفيد من بيانات هذا الحمض دون مرجع أو حمض نووي نطابقه معه، فلو كان لدينا حمض نووي موجود في مسرح جريمة ما، واستخرجنا جميع العلامات الفارقة، فلن يكون ذا فائدة عظيمة حتى نجد أشخاصا نطابقه معهم، فإن وجدنا فذلك الحمض الموجود في مسرح الجريمة هو لنفس الشخص الذي طابقناه معه، أو هذا ما يحاول العلماء أن يطوروه بحيث إن بغيتهم هي استخراج أقصى المعلومات الممكنة من الحمض النووي مثل: الطول، العمر، اللون، الأصل «وهذا فقط إن كانت هناك قاعدة بيانات من الحمض النووي للمواطنين والمقيمين».
قاعدة بيانات
وأكد أنه قديمًا لم يكن أمرا متاحا معرفة المجرم من خلال فحص الحمض النووي، حتى ظهر في عام 1986 استخدام التقنية والبصمة الوراثية، بعد ذلك أصبحنا نتمكن من التفريق بين البشر بفضل الحمض النووي، والآن أصبح الناس يعلمون أن الحمض النووي قد يؤدي إلى القبض عليك، مستكملًا: العلم يسعى اليوم إلى أخذ الحمض النووي، واستخراج معلومات منه دون العودة إلى مرجع أي دون طرف معلوم ومشتبه به، وذلك من خلال السعي لبناء قاعدة بيانات.
مسرح افتراضي
وأضاف: نحتاج في المملكة إلى قاعدة بيانات للحمض النووي، يتم عملها من خلال أخذ الحمض النووي من جميع أفراد المجتمع، وهي لا تخدم فقط المجال الجنائي والجرائم، بل مجالات عدة، فعلى سبيل المثال هي مهمة لمعرفة حدوث بعض الأمراض الوراثية من عدمها، واكتشاف عدد من الطفرات الجينية، فالحمض النووي عالم كبير، يخدم الجانب الصحي والجنائي والمجتمعي، وتأتي الأهمية في عدم تقليص وقت الوصول للجاني، والحال بالمملكة متقدم، ولسنا متأخرين أبدا عن بقية العالم في هذا المجال، ولكن قد يكون الغرب قد فاقنا في الواقع الافتراضي الذي يتم من خلاله عمل مسرح جريمة افتراضي تخيلي.
كشف السن
وتابع: ما يطمح إليه العلماء هو استخلاص القدر الكافي من المعلومات للحمض النووي لتضييق دائرة المتهمين، وما يعملون عليه الآن هو كشف العمر التقريبي من خلال الحمض النووي، وكان هذا ولا يزال تحديا يواجهونه، وسيكون السؤال: كيف يستطيعون فعل ذلك؟ والإجابة هي أن لدى حمضنا النووي مثل زر التشغيل والإيقاف يوجد على شريط الحمض النووي، وهذا الزر هو الذي يقوم بالتعبير الجيني، وأقصد بالزر مجموعة الميثايل، إذ إن مجموعة الميثايل عندما ترتبط على الشريط توقف التعبير الجيني، وهذا ما يُعرف وما يُسمى «ميثلية الحمض النووي» وهو يُعد إحدى آليات علم التخلق، ولهذا علاقة بالتقدم بالعمر، فكلما تقدم الشخص بالعمر زاد ارتباط تلك المجموعة بالحمض النووي، وهذا ما يريد تحديدًا العلماء البحث عنه «تحديد عدد الميثيليات» بإمكانهم حصر عمر الشخص في فترة معينة وقد يزيد أو ينقص خمسة أعوام، كما أن هناك شروطا معينة حتى يكون الحمض النووي ميثيليا.
العمر الحيوي
وأوضح أن هناك بحثا من العلماء عن العمر الحيوي لدى الإنسان من خلال الحمض النووي باستخدام خمسة مؤشرات جينية، أهمها هو المؤشر الجيني ELOVL2، قائلا: قد تتساءل ما مدى دقة هذا التحليل، إذ أجري هذا البحث على 400 شخص تتراوح أعمارهم بين 2 - 72 عاما وصلت دقة هذا التحليل إلى 94.4 ٪، لكن لأن هناك مشكلات بالتقنية المستخدمة والتي تنتج عنها مشكلات حين إجراء العملية، وهذا ما قد يتسبب في الطعن على النتائج، فإنها لم تستخدم التقنية إلا في عالم الأبحاث الجنائية، ولكن لم يتوقف العلماء عند هذا الحد، فهناك الكثير ليضعوه على الطاولة حتى يكتشفوا طريقًا إلى عمر الفرد من خلال حمضه.
بصمة الدماغ
وعند ذِكر التقنيات الخارقة التي تخص العالم الجنائي، يجب أن نتحدث عن «بصمة الدماغ»، وهي تقنية ابتكرها د. لاري فارويل، واستخدمها في عام 2003 في قضية المظلوم تيري هارينغتون الذي كان مسجونًا لمدة 23 سنة تقريبا، حتى أتى فارويل وأثبت براءته بهذه التقنية، فلدى التقنية القدرة على إخبارنا إن كان ما تسمعه أو تراه مخزنًا في دماغك أم لا، الذي أعنيه في قضية تيري هارينغتون أنه قال إنه لم يكن في مسرح الجريمة عندما وقعت، وكان القاضي قد أخبره مسبقا بأنه لا يوجد ما يثبت قوله، حتى أتى د. لاري وأخبر القاضي أن لديه طريقة في كشف حقيقة أم زيف كلامه، وكانت التقنية تعتمد على الإشارات الموجية الصادرة من الدماغ، ففي حال كانت تفاصيل مسرح الجريمة مسجلة في دماغه فيعطينا الجهاز المبتكر إشارة إلى ذلك.
تقنية دقيقة
واستكمل حديثه قائلا: ما يميز تلك التقنية أنها لا تعتمد على المشاعر أو نبضات القلب أو تنفس الضحية، مثل «جهاز كاشف الكذب»، لأن تلك التقنية وصلت إلى دقة 100 ٪، تلك التقنية لا تستخدم فقط في كل ما يخص الجنائيات، إنما أيضًا للكشف عن المرضى المصابين بالزهايمر، وأيضا لديها استخدامات لدى شركات التأمين في حال كان هناك تلاعب من المؤمن عليهم، على أن تلك التقنية فيها عيب قاتل في المحكمة ولدى محامي الدفاع، ففي حال طلب محامي الدفاع أو القاضي إجراء التجربة مرة ثانية للتأكيد، فإن بصمة الدماغ قد لا تكون ذات فائدة، فقد تصبح نقمة لا نعمة؛ لأن الصور قد سجلت مرة واحدة، فإن سجلت مرة ستبقى بالمرة القادمة عند إجراء التحليل، وهذا ما قد يتسبب في الطعن على نتيجتها.
العلم يسعى إلى استخراج المعلومات من الحمض النووي دون العودة لمرجع
جهل المجرم بأسلوب التحري هو أكثر ما يستفاد منه في عملية البحث الجنائي
نحتاج في المملكة إلى قاعدة بيانات للحمض النووي من جميع أفراد المجتمع
دقة «بصمة الدماغ» وصلت إلى 100 % دون الاعتماد على العمليات الحيوية