في هذا المقال سأتطرق لثلاثة محاور مهمة تتعلق بهذا التوجه، والاختلاف بالرأي لا يفسد للود قضية، بل يُعتبر وسيلة للوصول إلى مقترحات أوسع، وقبل ذلك من المهم التذكير بأنه حسب آخر إحصاءات عن سوق العمل، نجد أن ما يقارب ٧٥ ٪ من المشتغلين في مهن «المديرين» حسب المجموعات الرئيسية للمهن هم مشتغلون سعوديون بإجمالي ١٧٤.٦٥٥ مشتغلا مقارنة بـ ٥٨.٠٨٤ مشتغلا غير سعودي حسب سجلات التأمينات الاجتماعية.
المحور الأول؛ تعريف الوظائف القيادية والتصنيف الذي سنعتمد عليه لتعريف تلك الوظائف، فمن اطلاع على العديد من الدراسات لم أر تعريفا واضحا للوظائف القيادية، ويظن البعض أن تعريف الوظائف القيادية هو مجرد وظيفة في أعلى الهرم للمنشأة، وهذا الأمر غير صحيح عمليا وعلميا لأن هيكلة وأحجام المنشآت تختلف، وبالجانب الآخر نجد هناك تعريفا واضحا للقياديين وسماتهم مقارنة مع الغير.
المحور الثاني؛ هيكلة سوق العمل، وقبل التطرق لذلك من المهم مراعاة جانبين؛ «أحجام المنشآت» و«الإصلاحات التي تم تطبيقها في سوق العمل»، ففي الواقع نجد أن النسبة الأكبر للمنشآت الحالية هي منشآت متناهية الصغر وصغيرة الحجم، وغالبية المتناهية الصغر يقودها أصحابها باستثناء المنشآت التي يسيطر عليها التستر التجاري، وغالبية المنشآت الصغيرة نجد أن الدوران الوظيفي فيها عال جدا مقارنة بالأكبر منها حجما، ولذلك نجد أن تفضيل العمل فيها يقل عن الأحجام الأكبر، وتعتبر كجسر للوصول للمنشآت الأكبر حجما. أما بالنسبة لجانب الإصلاحات في سوق العمل، أرى أن نتائج التوطين النوعي الأخيرة وارتفاع معدلات الأجور تدريجيا هما مؤشر مهم يدل على نجاح الإصلاحات، وداعم بشكل مباشر لوجود كوادر سعودية في وظائف بمستويات ممتازة تسهل عليها مسارها الوظيفي للوصول للمستويات الوظيفية الأعلى حتى نصل للعُليا منها، فبالرجوع لإحصاءات سوق العمل الأخيرة سنجد أن ما يقارب ٨٤ ٪ من المشتركين الجدد في مهن «المديرين» حسب المجموعات الرئيسية للمهن هم مشتغلون سعوديون وفقا لسجلات التأمينات الاجتماعية، وهذا مؤشر على الأثر الإيجابي للتوطين النوعي.
المحور الثالث؛ المحفزات للقطاع الخاص، وكوجهة نظر أرى أن الأثر من التحفيز دائما نتائجه أفضل وأسرع من الإلزام، وبالوقت الحالي أجد غيابا لتحفيز منشآت القطاع الخاص للاهتمام بشكل أكبر في توظيف السعوديين بالمناصب العُليا، وهذا الأمر قد يغضب البعض لكنه حقيقة من المهم ألا نخجل منها، فبغياب التحفيز لن نجد توسعا في توظيف السعوديين بالمناصب العُليا في القطاع الخاص خاصة بالصفوف الثانية والثالثة هيكليا «الإشرافية»، والتي تعتبر من أهم المستويات الوظيفية لتوليد قادة بشكل أكبر لسوق العمل، فالوظائف في تلك الصفوف بشكل عام نجد اهتماما أكبر من المنشآت لتطوير شاغليها، وهذا ما نتطلع له كبداية الطريق للوصول لمستهدفات حقيقية في ملف توطين الوظائف العُليا.
ختاما: الأساس الذي ينبغي العمل عليه بشكل «مستمر» هو التركيز على تجهيز الكوادر السعودية القيادية، فمن يمتلك سمات القائد وخبرات مميزة بالإضافة لإنجازات في مسيرة عمله لن يجد صعوبة في الحصول على وظيفة في أعلى الهرم، وبمعنى أوضح ستجد أن المنشآت تتنافس على توظيفه والاستفادة من تواجده في مناصب عُليا بغض النظر عن جنسيته، وهذا الأمر موجود في جميع أسواق العمل عالميا، وأحد أبسط الأمثلة على ذلك وجود سعوديين بمناصب عُليا في أسواق عالمية.
@Khaled_Bn_Moh