وتابع: يمكن أن يحدث هذا بسبب الغزو الخارجي، عندما يؤدي الصراع السياسي الداخلي إلى الانفصال، أو حتى نتيجة للضغوط الداخلية والخارجية المشتركة.
وأردف: في بعض الأحيان، رغم ذلك يمكن للحكومة أو من يخلفها استعادة السيطرة على جزء كبير من أو كل الأراضي التي فقدتها سابقا، حدث هذا في الولايات المتحدة والصين وروسيا.
ومضى يقول: بعد سنوات من الخلاف السياسي بين أمريكا الشمالية والجنوبية حول العبودية وقضايا أخرى، انفصلت معظم الولايات الجنوبية الأمريكية عن الاتحاد بعد انتخاب أبراهام لنكولن في 1860.
وأضاف: رغم ذلك، بعد حرب أهلية شرسة هُزمت الكونفيدرالية، وتم ترميم الاتحاد عام 1865.
وتابع: أدت الثورة الصينية في أوائل القرن العشرين التي أطاحت بسلالة «مانشو» إلى تقسيم الصين لمناطق يسيطر عليها أمراء الحرب، ومع ذلك، فقد تغير هذا مع صعود حزب «الكومينتانغ» في عشرينيات القرن الماضي.
سقوط القيصر
ويقول الكاتب كاتز: بالمثل، انهارت الإمبراطورية الروسية في أعقاب سقوط القيصر نيكولاس الثاني والتقدم العسكري الألماني، بعد التخلي عن جزء كبير من أراضي القيصر الغربية في معاهدة «بريست ليتوفسك» عام 1918، تمكن البلاشفة من إعادة دمج معظمها بقوة بعد انهيار الإمبراطورية الألمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى.
وأضاف: لم يهدد الغزو الياباني لـ«منشوريا» في عام 1930 وبقية الصين في 1937 وحدة الصين فحسب؛ بل هدد وجودها كدولة مستقلة، بعد هزيمة اليابان في 1945 وصعود الشيوعية الماوية في عام 1949، تم لم شمل الصين باستثناء تايوان، واستمرت في الظهور كقوة عظمى.
وأردف: لكن الغزو الألماني النازي عام 1941 هدد بتدمير الاتحاد السوفييتي بالكامل، بفضل الجهود غير العادية للجيش الأحمر، بالإضافة إلى إمدادات الأسلحة الأمريكية والبريطانية، طردت موسكو القوات الألمانية من الأراضي السوفييتية، واكتسبت الأراضي نفوذا موسعا للاتحاد السوفييتي.
ومضى يقول: بعد ما يقرب من نصف قرن، انهار الاتحاد السوفييتي في نهاية عام 1991 لأسباب متعددة، منها عبء استمرار الحرب الباردة على الاقتصاد السوفييتي الضعيف، وزيادة القومية غير الروسية، وتقلص السكان من أصل روسي كنسبة مئوية من مجموع سكان الاتحاد السوفييتي، واتفاقية ديسمبر 1991 بين قادة 3 من مكوناته؛ روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا، على أن الاتحاد السوفييتي لم يعد موجودا.
وتابع: تم استبدال الاتحاد السوفييتي بـ15 دولة مستقلة، لقد استعاد فلاديمير بوتين، الرئيس الحالي لروسيا، الآن جزءا من الأراضي التي فقدتها روسيا لصالح أوكرانيا (القرم)، ويعيد النفوذ الروسي، إن لم تكن السيطرة الكاملة على أجزاء أخرى منها، وهي عملية مستمرة.
الحرب الباردة
وأردف الكاتب مارك ن. كاتز يقول: يمكن أن يؤدي فقدان الأراضي وكذلك انهيار الحكومة، إلى إضعاف أو حتى إنهاء قدرة الدولة على التصرف كقوة عظمى، في بعض الأحيان، قد يكون ما تبقى خاضعا لقوى عظمى أخرى، ومع ذلك فإن استعادة الدولة يمكن أن ينعشها كقوة عظمى، وهو ما ظهر في كل من الصين وروسيا.
واستطرد: رغم ذلك، تحب الحكومات فكرة انهيار منافسيها من القوى العظمى، مما يؤدي إما إلى ظهور حكومة أكثر ملاءمة، أو الانقسام إلى عدة ولايات، بعد الحرب الباردة كان هناك أمل في أن تتطور روسيا والصين في النهاية إلى ديمقراطيات تتعاون مع الغرب، أو حتى تنضم إليه، بالنظر إلى الماضي، كان من الواضح أن هذا كان تفكيرا بالتمني.
وتابع: بالمثل، هناك من في روسيا والصين يأملون في حدوث شكل من أشكال التفكك أو الانهيار في الولايات المتحدة.
وأردف: في عام 1998، توقع الأستاذ الروسي إيغور بانارين تفكك الولايات المتحدة إلى 6 أجزاء بحلول 2010، بل ونشر خريطة توضح ذلك، كان من الواضح أن هذا كان تفكيرا بالتمني، ومضى يقول: اليوم، العديد من الباحثين الصينيين واثقون تماما من أن أمريكا في حالة تدهور بسبب الانقسامات الداخلية داخل الولايات المتحدة.
التحول الديموغرافي
وأشار مقال الكاتب في مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية إلى أنه في منطق الروس والصينيين «أن الولايات المتحدة في طور التحول الديموغرافي من الأغلبية البيضاء إلى الأغلبية من غير البيض بحلول وقت ما في الأربعينيات من هذا القرن».
وأوضح أنه في وجهة نظرهم، فإن البيض الأمريكيين، خاصة المحافظين منهم، لن يسلموا السلطة طواعية للأغلبية الناشئة من غير البيض، ولفت إلى أنه وفقا لهذا المنطق، سيعمل البيض على الحفاظ على سلطتهم بالقوة بما يؤدي إلى انقسام الولايات المتحدة بالفعل.
ونوه إلى أن هذا من شأنه أن يمنحهم الفرصة للوقوف بجانب مجموعة من تلك الولايات ضد الآخرين.
وأردف: هل هذه الرؤية الروسية والصينية لمستقبل أمريكا مجرد أمنيات؟ هذا أمر يقرره الأمريكيون، لكن إذا كان مستقبل الولايات المتحدة سلبيا كما يأملون، فإن روسيا والصين ودول أخرى ستراه بالتأكيد فرصة لتعزيز طموحاتهم الخاصة في الحصول على قوتهم العظمى، ومع ذلك، حتى لو نما الخلاف داخل الولايات المتحدة، فإن تجارب روسيا والصين تظهر أن الانحدار يمكن أن يتبعه عودة الظهور.