يخلق الدماغ دون وعي في الفضاء المحيط بالشخص منطقة عازلة محسوبة لكنها مرنة حيث يتغير حجمها وأبعادها بحسب نوعية العلاقة وعمقها. نستطيع تشبيه تلك المنطقة بجلد ثانٍ خفي أو كخيمة غير مرئية تحيط بكل إنسان تكون بمقاسات تختلف من شخص لآخر وتكون مناسبة للشخص نفسه. ويعدل البعض في مساحته الشخصية لتناسب متطلباته. ذلك الجلد الثاني الخفي أو الخيمة غير المرئية هما أول خط دفاع للكائن الحي، تقوم بمجموعة كبيرة من الوظائف الأساسية أولها حمايته من أي تهديد جسدي حقيقي قريب. حتى الحيوانات لديها مساحة شخصية حولها، التي يحسبونها لحماية أنفسهم من الحيوانات المفترسة أو حتى من إزعاج بعض البشر.
يمكن لتلك المساحة أن تحمينا أيضًا من أبسط الأشياء في حياتنا اليومية مثل التجول في منازلنا دون ضرب كتفنا في الباب أو إصبع قدمنا الصغير في حافة الطاولة. نحن حتى لا نفكر في الأمر، لأن لدينا هذا النظام الذاتي، الذي يراقب بدون إدراك منا، وجود الأشياء حولنا ويضبط تحركاتنا بما يناسبنا.
كان الرئيس كينيدي دائماً محاطاً بجموع غفيرة من الناس ولكن دائماً ما كانت هنالك فقاعة يبلغ ارتفاعها حوالي 30 قدماً حوله ولم يُسمح إلا لعدد قليل جداً من الأشخاص بدخول تلك الفقاعة. على الرغم من أن لغة المسافات لغة فطرية لكن يجد بعض الأشخاص صعوبة في قراءتها وفهمها. من المهم أن نفهم مبدأ المساحة الشخصية ونتعلم لغة المسافات، ونتفهم حاجة الكائنات الحية المختلفة لتلك المساحة ونحترمها. بإمكان تلك المسافة أن تقتصر على مجرد صباح الخير أو الجلوس على طاولة واحتساء كوب من القهوة أو السفر معاً، وتصل في العلاقات العميقة للاحتضان.
@Wasema