من هنا، جاء إعلان المملكة العربية السعودية عن ذكرى «يوم التأسيس» متسقاً ومتناغماً مع نهجها لتأصيل امتدادات الدولة السعودية الضاربة في جذور التاريخ، ومجسدا لإعلاء قيمة رفيعة تتمثل في الاهتمام بتاريخها، تستلهم من خلاله عزيمة أئمة الدولة وملوكها، الذين ساهموا في مراحل بنائها، وتأكيدا أن ماضي المجتمعات هو ما يؤهلها لخوض غمار الإنتاج في حاضرها ومواصلة الإنجاز في مستقبلها.
يترجم استحضار «يوم تأسيس» الدولة السعودية الأولى، اهتمام وعناية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع «يحفظهما الله»، بالمصادر التاريخية الحقيقية والموثوقة، ودورها في الحفاظ على التاريخ السعودي أولاً، وتاريخ الجزيرة العربية «ثانيًا»، ورسوخ هذا الوطن العظيم وتاريخه المجيد منذ قيام دولته للمرة الأولى قبل ثلاثة قرون، ثم «الثانية» بفارق 7 سنوات فقط، وقيام المملكة العربية السعودية بعد 10 سنوات فقط من الدولة السعودية الثانية، وهو ما يؤكد امتداد الدولة ورسوخ مبادئها ومتانة أساسها ومقوماتها، وإنها لم تكن بتاريخها الممتد لقرون عديدة، دولة طارئة لا على التاريخ أو الجغرافيا، وإنما «حجر زاوية وأساس» تشكلت من خلاله وحدة أبناء الجزيرة العربية في عصرها الحديث بعد أن عانت على مدى عقود ويلات الفرقة والشقاق والنزاعات.
يوثق الاحتفال بدءًا من عام 2022م - 1443هـ الجاري بـ «يوم التأسيس» انطلاق رحلة الإمام محمد بن سعود لتأسيس الدولة السعودية الأولى عام «1727م - 1139هـ»، ومسيرة بناء دولة عظيمة شكلت واحدة من أهم المشاريع الوحدوية لم تعرفها الجزيرة العربية على مدى قرون طويلة.
اعتماد «يوم التأسيس» إجازة رسمية لجميع الطلاب والطالبات وقطاعات الدولة بالمملكة في 22 فبراير سنويا، يعكس قيمة ومكانة تلك المُناسبة الوطنية المهمة، وترسيخها بالصورة اللائقة في عقول ونفوس أبناء وبنات المملكة، كذكرى عطرة ومبعث «فخر واعتزاز» يستحضرون من خلالها تضحيات الآباء والأجداد وما كابدوه من تحديات في سبيل بناء وطن يستمد من تجارب وخبرات ثلاثة قرون، لتكون نقطة «ارتكاز وانطلاق» نحو تعظيم مكتسبات حاضره المزدهر ومستقبله المشرق.