DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الروائي «الشريف»: النقد جزء مهم من تطور المنتج الثقافي

اختار «الفصحى المتداولة» أو «اللغة البيضاء» نهجا لكل كتاباته

الروائي «الشريف»: النقد جزء مهم من تطور المنتج الثقافي
تميَّزت كتابات الروائي بالأسلوب البوليسي الذي لا يخلو من البعد النفسي والعاطفي، كما أن بساطته تساعد على إيصال أفكاره إلى القارئ، وهو يؤكد أن الرواية والقصة تخاطبان غالبا الشريحة البسيطة التي تشكل النسبة الأكبر من القراء، ولن يستطيع الكاتب الوصول إليهم باللغة المتعالية والمفردات التي تحتاج إلى المعاجم لفك شفرتها، وأشار إلى أهمية الحركة النقدية في المملكة، موضحًا أننا لن نتقدم في الشأن الثقافي طالما لم نلتفت للنقد ونحاول تصحيح مساره، فهو شبه مغيّب، وحضوره خافت جدا، وغالبا ما يوجه باتجاه الأسماء المعروفة ولا يخلو من مجاملات ومصالح مشتركة.
■ كيف يختار الأدب مبدعه.. وهل يستجيب الكاتب؟
ـ ما أعتقده أنا شخصيا هو أن الموهبة نتاج سلوكيات معينة وأجواء تحيط بالمبدع تدفعه بأحد الاتجاهات وتولد لديه شغفًا، ما يأخذ بيده نحو الإبداع والتميز في هذا الاتجاه أو ذاك، خلاف تمتعه بالقدرات الجسدية التي تُعينه على ذلك، والكاتب ليس بدعا من هؤلاء المبدعين، فهو نتاج طبيعي للقراءة والنشأة في أحضان الكتب، وتبعًا لنوع قراءته الواعية يكون اتجاهه إلى جنس معين من أجناس الأدب، وكما يُقال: من يحفظ ألف بيت من الشعر سيُقرض الشعر يقينا، أما الوصول إلى مراتب عليا من التميز والإبداع فهو منوط بالكاتب نفسه، وسلوكياته الأخرى كتمتعه بالعزيمة والإصرار.
■ لمَ اخترت الأسلوب السردي في كل كتاباتك؟
ـ دعني أقُل إنني لا أتقن غير هذا، فأنا لست ممن يُقرضون الشعر، وكتاباتي محصورة في المقال والقصص بأنواعها، وإن كنت ميالًا أكثر إلى الرواية التي وجدت فيها نفسي كثيرًا، فهي تمنحني الفرصة للتعبير عن أفكاري وأطروحاتي بطريقة غير مباشرة، وتحمي من الوقوع في مواجهة مع الآخرين، خلاف ما فيها من الجمال والقدرة على التعبير عنه في مساحة مفتوحة لا حدود لها، وهي أيضا تمنحك الفرصة للتعرف على أجناس متنوعة من البشر، وخوض تجارب افتراضية رائعة، وتسمح لك بتكوين صداقات تخيلية، بمعنى أنك ستعيش في عوالم مختلفة تكون استفادتك منها غير مشروطة، ولا عواقب وخيمة تنتظرك إن لم تُحسن الاختيار، بل العودة مأمونة في نهاية المطاف، والجميل أن باستطاعتك وضع النهاية التي تتمناها.
■ هل تتعمد اللغة البسيطة لإيصال أفكارك للقارئ؟
ـ الرواية والقصة تخاطبان غالبا الشريحة البسيطة من القراء الذين يشكلون النسبة الأكبر من قرائي، وهؤلاء لن تستطيع الوصول إليهم باللغة المتعالية والمفردات التي تحتاج إلى المعاجم لفك شفرتها، والسرد عموما يأتي في المنطقة الوسطى بين التكلف والتواضع اللغوي، باستخدام ما يسمى «اللغة البيضاء» ونعني بها «الفصحى المتداولة» التي يفهمها الجميع، وهو النهج الذي اخترته لكل كتاباتي، فأنا من أشد المعارضين لاستخدام العامية حتى في الحوارات الدائرة، ولا تجدها في كتبي إلا في أسطر معدودة يتطلبها موقف ما.
■ في روايتك «مقتل دمية» يظهر أن لك أهدافا إبداعية خفية.. ليتك تحدثنا عنها؟
ـ أعتز كثيرا بهذه الرواية التي لم أخطط لها مطلقا، وإنما كانت نتيجة موقف ما وضعني أمام دمية خشبية حقيقية أثارت في نفسي عددا من التساؤلات، وقادتني إلى حكاية متخيلة تنطلق منها، لكنها لا تتوقف عندها، وقتها خطر لي أننا قد نصبح بالفعل في ظروف معينة مثل هذه الدمية تتلقفنا الأيادي دون أن يكون لنا أي خيار، ونهايتنا أو بدايتنا ليست بأيدينا.
■ كتبت القصة والرواية.. أيهما أقرب إلى روحك وقلمك؟
ـ دعني أحوِّر السؤال ليكون: أيهما أيسر سبيلًا وأقل مؤونة للبوح والتعبير عن الذات؟ وهو ما يجعل البعض فيما يبدو يحدد اتجاهه في الكتابة، فينحو باتجاه القصة على أنها أيسر، ومَن لا يتقن الاختزال والتكثيف والعمق المثري، ويكون تفصيليا في عموم حياته تكون الرواية مقصده، حيث تترك له مساحة لقول ما يشاء، وبالطبع أنا أختلف مع كلا التوجهين، فالقصة الإبداعية يقينا لن تكون سهلة، فالإقلال غير المُخل وجوامع الكلم والمواءمة بين السطحية والعمق مهارة عظيمة يصعب إتقانها، وكذلك كتابة ما يستحق قوله في تفاصيل الحكاية الطويلة، وترك ما لا يستحق أيضًا مهارة ليست بالسهولة المتوقعة، وفي كل الأحوال أجد أن القصة جنس أدبي مستباح بسبب استسهال البعض لها، وظنهم أن كل حكاية سطحية وسيرة ذاتية تُعد قصة، وهو ما يجعلني مُقلًا كثيرًا في هذا الجانب بحثا عن الكيف وليس الكم، كما أنني أجد نفسي في الرواية التي تلبي احتياجي الكبير للغوص في النفس البشرية، وتمنحني مساحة كبيرة لفعل ذلك، وليس بحثا عن الانتشار كما يعتقد البعض.
■ كيف تستطيع التحكم في شخصيات رواياتك وحواراتهم؟
ـ أضع دائما مواصفات معينة للشخصية التي أحاول تجسيدها دون تدخل في المواقف والحوارات، وغاية ما هنالك أنني أتقمّص كل شخصية وأتصرف وفق محدداتها السلوكية والأخلاقية والاجتماعية والثقافية، لذلك لا أجد صعوبة في التحكم طالما أن الخطوط العريضة معلومة سلفًا، فالصفات الأساسية ستتكفل بردود أفعاله وبالعبارات التي يستخدمها وطريقة تعاطيه مع المواقف، ويكون دوري فقط رصد ما يحدث كشاهد عيان، وتدخلي سيكون على أضيق نطاق، ما يمنح العمل المصداقية والواقعية والمنطقية التي يحتاجها.
■ لِم كان خيارك مدينة دبي كفضاء مكاني لرواية «زيف القصاص»؟
ـ المكان جزء مهم من بناء العمل الروائي وليس ترفًا، ومن قرأ هذه الرواية يعلم يقينا أن دبي بتنوعها الديموغرافي وتركيبته السكانية العجيبة هي الأنسب لأحداثها، وأنه يصعب توافر المعطيات المكانية في مكان آخر، فالمكان خيار الحكاية التي أنوي سردها.
■ كيف ترى مستقبل حركة النقد السعودي على الخارطة العربية؟
ـ النقد جزء لا يتجزأ من تطور المنتج الثقافي في كل الأجناس الأدبية، وحضور النقد الإبداعي المتطور غير الانتقائي والمتابع للجديد والمشغول بالنصوص الإبداعية، لا بصورة الناقد وقيمته الأدبية أو حتى بمكانة الكاتب، سيلقي يقينًا بظلاله على المشهد الثقافي، بل دعني أقل بعبارة صريحة إننا لن نتقدم في هذا الشأن الثقافي طالما لم نلتفت للنقد، ونحاول تصحيح مساره فهو شبه مغيب، وحضوره خافت جدا، وغالبًا ما يوجّه باتجاه الأسماء المعروفة، ولا يخلو من مجاملات ومصالح مشتركة، ولعله من المناسب القول إننا بحاجة إلى وضع محفزات في هذا الشأن المهم، كإدراج الأعمال النقدية الإبداعية ضمن الجوائز الثقافية، ووضع اشتراطات معينة لهذه الجوائز تكفل الاهتمام بالإصدارات الحديثة، كذلك الترغيب في دراسة النقد والاهتمام بمخرجاته، وقبل كل ذلك وضع جوائز قيمة للرواية العربية تضاهي الموجود على الساحتين الخليجية والعربية إن لم تتفوق عليها، والتعاطي معها من المنظمين بحيادية واحترافية حقيقية تبحث عن جودة المنتج لا عن صاحبه، إن فعلنا ذلك فربما نستطيع ردم الهوة السحيقة التي تفصل بين الكاتب والناقد ووقتها سيكون لنا حضورنا المؤثر في المشهد الثقافي العربي.
■ ما أسباب اختيارك الخط البوليسي في معظم أعمالك؟
ـ البحث عن الغموض والإثارة والتشويق.. عناصر تدفع القارئ للاستمتاع بالعمل الروائي والتعلق به، وهو النهج الذي اجتهدت كثيرا لتأصيله في كل أعمالي الروائية، وظهوره لا يعني أن العمل بوليسي بالكامل، فأنا لم أكتب غير رواية بوليسية واحدة فقط هي «زيف القصاص»، ومع ذلك لم تخلُ هذه الرواية تحديدا من البعدَين النفسي والعاطفي، بل كانا حاضرين بالأهمية نفسها التي تمثلت في الشق البوليسي من العمل، على الأقل من وجهة نظري الشخصية، أما باقي أعمالي فلا يمكن إدراجها ضمن الخط البوليسي، إذ إن الحديث عن الجرائم وسبر أغوارها لا يعني أن العمل بوليسي خالص طالما لم يكن البوليس بكل أدواته حاضرا في المشهد.
«الرواية» تلبي احتياجاتي للغوص داخل النفس البشرية
الكاتب المبدع نتاج طبيعي للقراءة والنشأة في أحضان الكتب