وبما أنني في جلسة استرخائية وأود معرفة الفصل الأخير من المسرحية، فقد قررت الالتفاف على أسلوب اللصوصية واتباع منهج المسايرة مع القضية، ففي كل سؤال كنت أطلب التوضيح واستزيد من كل توضيح بتوضيح، وبعدة عدة أسئلة والتوضيح أصبح مملا ولا خروج بفائدة، جاءت لحظة الانقضاض على الضحية بطلب بعض البيانات الرئيسية التي يحتاجها المركز الوطني للاستفتاء لكي يسجل تقييم رضاي عن الأداء بطلب اسمي بالكامل ورقم هويتي والبنك الذي أتعامل معه وأخيرا رقم هاتفي الذي يتم الاتصال عليه الآن.
قد تقول لي عزيزي القارئ أن حل مشكلة اللصوصية في جمع المعلومات يكمن في منع هذه الجهات المشبوهة من مزود خدمة الاتصالات، وأنا أقول لك أنه لا بد من الاعتراف والتسليم أن جمع المعلومات الخصوصية للأفراد أصبحت مهنة وتجارة عصرية، وبأدوات تقنية وفنية ونفسية، تتفنن فيها تلك الجهات المشبوهة بأساليب متطورة وبرامج دقيقة، وتوظف لها العديد من الموظفين ذوي الكفاءات العلمية والتكنولوجية والتقنية، وأن تلك المعلومات التي يتم جمعها هي مادة ذات عائد ثمين يتم عرضها وبيعها في الأسواق على الجهات التي تريد استغلالها والاستفادة منها في نواح متعددة، ولا طريق لحماية الخصوصية الشخصية إلا بالحذر الذكي مع الأجهزة الذكية وتطبيقاتها والتواصل المباشر لاستطلاعات الرأي وروابط تحديث البيانات والتسجيل في الخدمات، وأن كل اختراق يريد أن يأخذ منك ما يسترزق به على غيرك، وأن الدقة وتوخي الحذر وشدة الانتباه لحماية معلوماتنا هي السبيل الوحيد والأكيد للنجاة من أي عملية احتيال إلكترونية، وأن أدوات الحماية التقليدية لأموالك ومقتنياتك وخصوصيتك قد انتهى عصرها وباتت مادة للمتاحف والذكريات، وأن التجارة الجديدة في العصر الراهن هي الاستثمار في اللصوصية المعلوماتية.
[email protected]