[email protected]
النصوص النثرية الجديدة، أو ما تعارف عليه كُتَّابها بأنها القصائد المنثورة أو الشعر المنثور، تُمثّل في واقع الأمر أسلوبًا من أساليب الانفتاح العالمي على آداب «الغير» كصورةٍ يمكن معها تجاوز الحركة العربية المعاصرة والانتقال بعدها إلى آفاق مستقبلية جديدة، بمعنى انتهاج طرائق التغيير و«الذوبان في لغة العالم المعاصر»، إن جاز القول، ورفض الصور التراثية بكل أشكالها ومصادرها دون تردد، والتحوّل الكُلي إلى «تراث الغرب»، وهو تجاوز يتعارض مع المنطق السليم، فتحرير الأدب العربي من خصوصيته، والزج به في أحضان تراث مغاير يترجم النوايا الواضحة لتذويب هذا الأدب في مرجعيات غربية لا تمت له بصلة، فتلك دعوة تتعارض مع المعرفة الشرعية، ومع مبادئ الإنسانية الفاعلة، وتتعارض في ذات الوقت مع منطق العقل والصواب.
إنها دعوة غير نزيهة، فذوبان فنون الأدب العربي، وعلى رأسها الشعر في خصوصيات «الغير» ليغدو دون نظام أو شكل هو ضرب من ضروب التجاوز، والقفز على ماهية الأشياء وتهميشها، فتلك دعوة لا يمكن التسليم بصحتها وسلامتها، فالتجديد في الأدب العربي لا يعني تمزيق النسيج الثقافي السائد والتشكيك في قوته، وهدم أركانه للوصول إلى بناء جديد مزعوم، لا يقوم على أسس معرفية عربية، بل على مرجعيات معرفية لا تستمد أصولها من خصوصية الأدب العربي، بل من معطيات غربية دخيلة، فالمتشدقون بتلك الدعوة يرفضون التراث جملة وتفصيلًا، ويدعون أن تجاوزه للذوبان في خصوصيات «الغير» هو ذوبان يتنازل تمامًا عن الشخصية العربية بكل مقوماتها، ويمثل الوصول المأمون لبيئة معرفية جديدة تقوم على استشراف المستقبل من جانب، وتقوم على إلغاء الخصوصية الشرعية للثقافة العربية من جانب آخر.
[email protected]
[email protected]