«من حوالي خمسة عشر عامًا كنت في زيارة للولايات المتحدة الأمريكية، اصطحبني خالي معه في زيارة للمستشفى، الذي يعمل به هناك أستاذا للجراحة العامة، وأثناء مروري معه على المرضى، لاحظت أنه حين كان يسأله المرضى عن جرعات الأدوية أو تعديلها إما بالزيادة أو بالنقصان، كان خالي يتصفح جواله أمام المريض؛ ليتأكد بالضبط من الجرعة الصحيحة للدواء، قبل أن يجيب المريض، أخبرني فيما بعد، أنه كان يتصفح مرجعا للأدوية قام بتحميله على جواله؛ ليستعين به بعد الله في عمله.
وبعد أن انتهينا أنا وخالي من المرور على المرضى، كانت علامات الدهشة ما زالت تتملكني، باعتباري «طبيبة مصرية أصيلة»، ولكي أَطْفِئ نار حيرتي، بادرت خالي بالسؤال: هو إزاي حضرتك كنت بتفتح الموبايل وتبص قدام المرضى على الجرعات؟ ده لو حصل في مصر كان زمان العيان هارانا تريقة.
أجابني خالي في هدوء:
- بصي يا رانيا الطبيب العربي ده من اشطر دكاترة العالم، ولما بيروح في أي مكان بيتفوق على زمايله، لكنه في نفس الوقت مظلوم؛ لأن كمية المعلومات اللي بيفضل يحفظها رهيبة، مفيش مخ بشري يقدر يستوعبها من أسامي الأدوية وجرعاتها وغيره، لكن هنا كل حاجة عاملة زي امتحان open book -كتاب مفتوح- أي سؤال يسأله لك المريض أنت من حقك تفتح الكتاب على الموبايل وتبص فيه من غير ما ينتقص ده من قدرك عند المريض،
الطبيب العربي يا رانيا عقل بشري جبار والطبيب الأجنبي إمكانات رهيبة وتكنولوجيا، وعلشان كده العقل البشري الجبار لما يتواجد معه إمكانات وتكنولوجيا، بيبرع ويبدع».
ما أريد قوله، وأتمنى أن نتعلمه من قصة هذه الطبيبة، أنه كما قمنا باستبدال الكثير من عاداتنا وتقاليدنا الجميلة والطيبة، بعادات سيئة من الغرب، في ملبس أو طريقة حياة، فلم لا نفعل ذلك فيما يعود على شعوبنا بالخير، ونستبدل عاداتنا السيئة بعادات جميلة من الغرب.
@salehsheha1