وبالأرقام سجل الرقم القياسي لأسعار الجملة نهاية العام الماضي نسبة 12.5 % مقارنة بالعام الأسبق كأحد الأمثلة المؤثرة. ولو رجعنا إلى الوراء فقط عشر سنوات وجمعنا نسب التضخم العام لوجدنا أنها أفقدت المتقاعد ما لا يقل عن ربع قدرته الشرائية. ورغم الارتفاع والانخفاض خلال تلك الفترة إلا أنه يبين مدى ثقل التضخم على إنفاق الفرد. ويعكس ذلك مؤشر الغلاء المعيشي الذي يثبت نسبة ارتفاع الأسعار خلال الفترة بمعدلات عامة تفوق العشرين بالمائة.
والمتقاعد يأتي غالب إنفاقه على الأكل والشرب ودفع فواتير الماء والكهرباء والتليفون والبنزين وصيانة المنزل وشراء الأثاث والسيارة متى ما تقادمت تلك الأخرى القديمة أو كل خمس سنوات على التقدير. ناهيك عن المصروفات الطبية كالكرسي النقال ومعدات قياس الضغط والسكر وما شابه. يأتي ذلك بالإضافة إلى الصرف على من يعول كالزوجة أو من مصاريف زواج الأبناء ومصروفات دراستهم والإنفاق عليهم بشكل عام متى لزم. فإن أتى أمر طارئ بمصروف اضطر إلى التسلف أو الاقتراض البنكي أو حتى استغلال البطاقات البنكية كالفيزا والتي تخضع لنسب فائدة مرتفعة لتغطية تلك النفقات اللازمة والطارئة. فهي دوامة يعيشها أي متقاعد لتأمين متطلبات المعيشة.
ولا يدخل في احتساب نسب التضخم أو الغلاء المعيشي أغلب تلك التي تأتي لمرة واحدة أو شبه المتكررة أمثال المصروفات على فاتورة عداد المياه لفترات سابقة أو أمثال تلك الرسوم للعمالة المنزلية مع إلزامية الدفع لوسطاء والتي تفوق المخصص الشهري للمتقاعدين في أغلب الأحيان. ومن الأمثلة شراء هاتف نقال ذكي أو تبديله والاشتراك في شبكة الإنترنت وهو أمر صار إلزاميا مع تطبيق توكلنا وكذلك شراء كمبيوتر لتدريس الطلبة عن بعد وهو أمر صار إلزاميا هو الآخر مع جائحة كورونا ناهيك عن ارتفاع ما نسبته 15 % على أقل تقدير في كافة الخدمات والسلع وخلال فترة قصيرة.
وتقوم أنظمة التقاعد والتأمينات الاجتماعية على إدارة شؤون التقاعد لموظفي الدولة والقطاع الخاص على بند الأجور. وكآليه للصرف على المتقاعد يقتطع ما نسبته 9 % من مخصصات الموظف الشهرية أثناء عمله وتستثمر لتعاد للموظف بشكل مخصص شهري بعد التقاعد أو لمن كان يعول بعد وفاته. وتبلغ أعداد المتقاعدين حسب آخر بيانات منشورة للمؤسسة العامة للتقاعد قرابة 730.000 مواطن ومواطنة أي نحو 3.65 % من إجمالي أعداد السعوديين. كما يدخل للتقاعد كل سنة نحو 34.000 مواطن ومواطنة. ولا تنشر المؤسسة بياناتها المالية سوى بعض النشرات الإحصائية المختارة.
وكحلول لتخفيف أثر التضخم تأتي كثير من الدول فتربط معدلات التضخم مع مرتب التقاعد حتى لا تتناقص القدرة الشرائية أو الإعفاء الضريبي على سلع معينة طبية أو أدوية على سبيل المثال أو الإعفاء الضريبي بالكامل من الرسوم أو لفئات عمرية من المجتمع. ويأتي جانب منهم فيتيح الخيار للموظف باستثمار الأموال المستقطعة أو جزء منها ببرامج تقاعد غير حكومية. وكحلول من المتقاعدين أنفسهم يستثمر البعض منهم في مؤسسات صغيرة ليدر لهم عوائد مساندة كذلك في بيع العقارات التي تملكها أثناء عمله.
ونحن أفضل من غيرنا بمراحل والحمد لله رغم الضغوط التضخمية. إلا أننا طماعون ونأمل المزيد لكفاية الحاجة للمتقاعدين أيا كان المقترح فقد خدموا وأخلصوا وأدوا دورهم المأمول في بناء وخدمة الوطن.
@SaudAlgosaibi