إذًا القهوة تعتبر نشاطًا اجتماعيًا وانعكاسًا ثقافيًا للقيم الاجتماعية الإيجابية الأصيلة، التي تعمق معنى الكرم وحسن الضيافة.
جسدت القهوة في اللوحات الفنية والأغاني والقصائد لها تاريخها الحافل الممتد بالعادات والتقاليد، التي رسخت في ذاكرة كل الأفراد وكل الأمم من العادات المتوارثة في تقديم القهوة، التي لربما تذهلني حقيقةً لما تحدثه من إشكاليات ومفاهيم مغالطة: أن يقول المضيف «سم» ثم يقدمها باليمين.
إذ إن تقديم القهوة باليسار له دلالة رمزية على عدم استقبال الضيف، كذلك مقدار القهوة في الفنجان لا بد ألا يقل عن الثلث، فالقلة تدل على البخل أما الكثرة فتدل على عدم استقبال الضيف، ذلك يذهلني حقيقةً، فكل مرة حين أبادر لتقديم القهوة للضيوف أصبح محور الحديث لأني لا أستطيع أن أمسك الدلة باليسار بعد عدة محاولات دامت لسنوات طويلة قررت أمسك الدلة باليسار ثم أضع الدلة على الطاولة، وأقدم الفنجان باليمين حتى لا أكون محور الحديث وذلك السلوك غالبًا لا يمر مرور الكرام لدى مَن يتجاوز عمره الثلاثين،
أيضًا من العادات أن يمسك الضيف الفنجان في السبابة والإبهام، ولهزة الفنجان المتتالية دلالة رمزية على الاكتفاء.
أيضًا من العادات، التي لها دلالة رمزية في تقديم القهوة أن يشرب المضيف الفنجان الأول «الهيف» ثم يبدأ بالضيف ليطمئن، يليه الفنجان الثاني «الضيف» وهو واجب على الضيف أما الفنجان الثالث «الكيف» لتعديل مزاج وكيف الضيف، وهناك الفنجان الرابع «السيف» والفنجان الخامس «الفارس».
القهوة موروث ثقافي أصيل في المملكة العربية السعودية، ويشهد التنوع الثقافي من منطقة لأخرى، فلكل منطقة رائحة قهوة خاصة تفوح بثقافتها الفريدة، فالقهوة في المنطقة الجنوبية مغايرة تمامًا عن المنطقة الشمالية
تختلف طريقة معالجة البن ويختلف نوع البن وفقًا لكل منطقة.
تعد زراعة البن الخولاني السعودي إرثا متأصلًا كونه أغلى وأندر الأنواع في العالم، تعود تسميته إلى قبيلة خولان بن عامر كما تكرس المملكة كل الجهود للوصول إلى زراعة أكثر من مليون شجرة بن خولاني سعودي بحلول عام 2025م
بناء على مكانة القهوة في المجتمع السعودي، جاءت تسمية عام 2022م بـ«عام القهوة السعودية» للاحتفاء بها كمنتج ثقافي أصيل مرتبط بالهوية السعودية.
@_nourahaiish