لا يزال احتمال الغزو الروسي لأوكرانيا في دائرة النظرية وبعيداً عن واقع التطبيق على الرغم من الحشود العسكرية، التي تدفع بها موسكو على الحدود من جانبها، والتهديد الإعلامي باستخدام السلاح النووي، بالإضافة إلى تدفق التمويل العسكري الأمريكي لأوكرانيا من الجانب الآخر، ومما زاد الأمر سوءاً تصريح الرئيس الأمريكي بايدن بفرض عقوبات مباشرة وشخصية على الرئيس بوتين في حال اتخاذه قرار الحرب، بينما كان الرد الروسي عنيفاً بأن ذلك لو تم فستكون عواقبه مدمرة على الجميع!!.
موسكو تسعى بضراوة إلى إجبار الولايات المتحدة وأوروبا على الاعتراف بمصالح الكرملين في فضائها الحيوي داخل أوروبا، وهذا ما فهمه قائد البحرية الألمانية الأدميرال شونباخ، وأسماه ضرورة احترام روسيا، الذي عبر عنه الرئيس بوتين بالخطوط الحمراء الروسية، التي يأتي أهمها قضية أوكرانيا ومنعها من الانضمام إلى حلف الناتو مهما كانت الأسباب، باعتبارها من أراضي وإرث الإمبراطورية السوفيتية السابقة.
كما تأتي المخاوف الأمريكية والأوروبية تجاه موسكو بأنها تسعى إلى الهيمنة على جغرافيا أوراسيا (قلب العالم ) ما بين الصين وأوروبا، وأنها تستعد لتكون منطقة ترانزيت للتجارة الدولية، وبالتالي ستتحكم في شرايين الاقتصاد العالمي، وفي المقابل تزداد المخاوف الروسية تجاه الغرب بأن تحركاتهم الأخيرة تمس الأمن الروسي بالدرجة الأولى، وبالتالي تظل موسكو مصرة على عدم تنازلها تجاه أي محاولات تستهدف إغراقها في مشكلات حدودية أو تكبيلها بعقوبات اقتصادية، ولذا يجد بوتين في جمهورية الصين ميداناً للانضمام معها في مواجهة الولايات المتحدة وأوروبا في المستقبل القادم.
وفي الختام،، يبدو أن العاصمة الأوكرانية كييف حائرة بين الناتو وروسيا، فهي تدرك أن الناتو بقيادة الولايات المتحدة تسعى إلى انضمامها للحلف الغربي من أجل تسخيرها كواجهة لصراعه مع موسكو باعتبارها تهديداً مباشراً للمصالح الروسية في أوروبا، وفي ذات الوقت، هي مهددة بالاجتياح الروسي كضمان لتأمين الأمن القومي لموسكو، بالإضافة إلى الحلم الذي طالما راود الرئيس بوتين باستعادة جغرافيا الاتحاد السوفيتي السابق، وبين هذا وذاك، تظل كييف حائرة، فالأمران أحلاهما مر.
@albakry1814