بمراجعة لتاريخ المسيحية كمثال والغزوات الصليبية لبيت المقدس، وكيف نجح البابا على مر التاريخ في حشد الجيوش بدعاوى دينية تستند في معظمها على سياسة التخويف وشيطنة العدو، نرى كيف ارتكبت المجازر عند دخول هذه الجيوش بصحبة القساوسة إلى بيت المقدس الذين رفعوا الصليب على بحر من الدماء. ونرى الهندوس المتعصبين يرتكبون المجازر، فيظهر بعض زعمائهم في خطب تحث على قتل أتباع الديانات الأخرى بمبرر ديني. ويرتكب الصهاينة المجازر بحق الفلسطينيين بدعوى أن الله أعطاهم الحق في احتلال فلسطين، والتخلص من كل من يقف في طريقهم لتحقيق هذا الهدف، ويستخدمون كل المبررات بما في ذلك شيطنة كل من يدافع عن بيته وأرضه ووصفه بالإرهابي. ولا يختلف الإسلام السياسي في ممارساته عن تلك الأفكار التي نراها في ممارسات الإخوان المسلمين وملالي طهران. فالتفكير العقدي المتطرف يستخدم نفس الأساليب بهدف الوصول لتلك «الأهداف العليا».
يردد الولي الفقيه في طهران في خطبه العبارات التالية والتي رددها أثناء زيارة وفد غربي لإيران «للشباب ميل طبيعي للدين والروحانية لكن علينا أيضا أن نحاول استقطابهم أكثر فأنا كرجل دين، تعلمت بحكم التجربة أن هناك سبلا تزيد من جاذبية الدين للشباب وسأشارككم هذه التجربة، فأنا أعتقد أنه كلما دافع الدين عن المستضعفين ودعا إلى العدل زادت جاذبيته للشباب بما أن الشباب في كل مكان من العالم يدعون إلى الحركات الهادفة إلى تحقيق العدل، فنبيكم عيسى كافح من أجل العدل طوال حياته ونبينا أيضا أمضى حياته بالكامل محاولا إحقاق الحق، وإذا أثار رجال الدين المسيحيون والمسلمون موضوع العدل فإنه حتما سيلفت الانتباه». ويعتقد زعماء هذه العقيدة المتطرفة أن المهدي سيظهر عند انتشار العنف والدمار والظلم، ونرى الحرس الثوري وميليشياته يعملون بجهد لتحقيق ذلك لأنه يعجل في ظهور المهدي من سردابه. وبنظرة فاحصة إلى حال الشعب الإيراني والشعوب التي تتبع نظام الولي الفقيه في اليمن وسوريا ولبنان والعراق، فهل تحققت تلك الأهداف العليا التي يدعو إليها زعماء طهران؟ يدرك خامنئي وأتباعه من الملالي أن الدين محفز قوي لنشر معتقداتهم وجذب الأتباع المغيبين مثلهم مثل كل المتاجرين بالدين، وهم يستخدمون ذلك المحفز النفسي بالإضافة إلى طرق نفسية وأساليب أخرى معروفة لتسيير الحشود تم استخدامها تاريخيا مرات عدة لتجييش الداعمين والأتباع، وتصدير الثورات بصرف النظر عن الدين أو المذهب، فالعامل المشترك دوما هو التطرف الفكري والعقدي. ويعتقد خميني ومن يتبعه أنهم حققوا النجاحات في «تصدير الثورة ونصرة المستضعفين» فقد أسسوا الميليشيات العقدية في الدول التي حكموها بقوة السلاح والإرهاب، ونرى نصر الله يظهر في لقاءاته الإعلامية التي لا تنتهي وخلفه صور خميني وخامنئي بدون أي خجل وبدون أي أثر لصور رئيس لبنان في لقاءاته، ولكم أن تتخيلوا ظهور أي سياسي أو زعيم ديني في أي دولة في لقاءات إعلامية ومن خلفه صورة رئيس دولة أخرى فهل هذ دليل خيانة لوطنه؟ أبو رغال لا يرى أي حرج في ذلك. كما أنه لا يرى أي حرج في ارتكاب المجازر في العراق و اليمن وسوريا وحتى لبنان إذا استدعى الأمر فالغاية تبرر الوسيلة حسب هذا المعتقد. ولا ضير في بناء جسور على أجساد الملايين من الضحايا في الطريق إلى تحقيق كل تلك «المثل العليا» في الطريق إلى الجنة فهل كانت هذه هي طموحات الأتباع؟
@almaiahmad2