فضل المعلم والمعلمة ليس على طلبتهم فقط بل على أسر هؤلاء الطلبة والمجتمع بأكمله، فالمعلم يقوم بدور تربوي كبير بالنيابة عن البقية، ومع ذلك فكثير من المدارس تشتكي من ضعف متابعة الأسر لأبنائها، وقد تسمع من يبرر ضعفه في متابعة أبنائه بقوله: ما الفائدة من التعليم؟ هؤلاء ناجحون في الحياة بلا مدارس.
لهؤلاء أذكر قصة تبين اهتمام الأسر الراقية بتعليم أبنائها ومعرفتهم لمكانة المعلم، ذكرها الإمام أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: قال أبو محمد اليزيدي: كنت أؤدب المأمون وهو في حجر سعيد الجوهري. قال: فأتيته يوما وهو داخل، فوجهت إليه بعض خدمه يعلمه بمكاني، فأبطأ علي، ثم وجهت آخر فأبطأ علي، فقلت لسعيد: إن هذا الفتى ربما تشاغل بالبطالة وتأخر. فقال: أجل، ومع هذا إذا فارقك عزم على خدمه، ولقوا منه أذى شديدا، فقومه بالأدب، فلما خرج أمرت بحمله فضربته سبع درر. قال: فإنه ليدلك عينه من البكاء إذ قيل: هذا جعفر بن يحيى قد أقبل، فأخذ منديلا، فمسح عينيه، وجمع ثيابه، وقام إلى فراشه، فقعد عليه متربعا وقال: ليدخل. فدخل، فقمت إلى المجلس، وخفت أن يشكوني إليه، فألقى منه ما أكره، فأقبل عليه بوجهه وحدثه حتى أضحكه، وضحك إليه، فلما هم بالحركة دعى بدابته، وأمر غلمانه فسعوا بين يديه، ثم سأل عني، فجئت فقال: خذ على ما بقي من جزئي، فقلت: أيها الأمير، أطال الله بقاءك، لقد خفت أن تشكوني إلى جعفر بن يحيى، ولو فعلت ذلك لتنكر لي. فقال: أتراني يا أبا محمد كنت أطلع الرشيد على هذا، فكيف بجعفر بن يحيى حتى أطلعه إني أحتاج إلى أدب، أدب يغفر الله لك بعد ظنك، خذ في أمرك، فقد خطر ببالك ما لا تراه أبدا، ولو عدت كل يوم مائة مرة.
لا شك أن هذا الفكر الراقي لدى الصغير هو نتيجة تربية الكبار، ولذلك ليت الآباء والأمهات بدلا من الدفاع بالحق والباطل عن أبنائهم وبناتهم في المدارس وحتى الجامعات، وتوزيع الاتهامات يمينا ويسارا، يهتمون بتعظيم قدر العلم والمعلم في نفوس أبنائهم، فيكسبوا جدية وحرصا وبالتالي أبناء يفخرون ويفاخرون بهم.
تقدير ابنك لمعلمه يعكس مستوى تربيتك له.
@shlash2020