ومن الآثار الخطيرة المترتبة على التوسع في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي هو التأثير على قدرات الذكاء البشرية، حيث إن الاعتماد الكلي على هذه التطبيقات في اتخاذ القرارات وتأدية الوظائف نيابة عن البشر قد يؤدي إلى تعطيل لقدراتهم الذهنية ومع الاستمرار في هذا النهج يتدنى مستوى القدرات الذهنية البشرية، وبالتالي أداؤها نتيجة إهمالها وعدم تعزيزها ويعتبر ذلك بمثابة اختطاف للإنسان من قبل هذه التطبيقات، وقد أصبح من الملاحظ في العديد من فئات المجتمع ونخص بالذكر فئتي النشء والشباب ممن يعتمدون على هذه التطبيقات بشكل كبير وجود بعض الظواهر كحالات عدم التركيز والتشتت والنسيان، بالإضافة إلى فقدان المهارات الاجتماعية كالعلاقات العامة ومهارة التحدث والخطابة، بل وأصبحوا يميلون إلى حالة العزلة أكثر.
أما أكثر المخاطر المترتبة على استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي هو التأثير على منظومة القيم والأخلاق في المجتمع، وقد حذر منها العديد من المختصين، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، مخاطر انتهاك الخصوصية وتزييف الصور وفبركة المقاطع الصوتية والمرئية، ومن أشدها خطورة أيضاً هي مسألة تقديم «محتوى مقترح» للمستخدم سواء كان هذا المحتوى هو زيارة صفحات معينة في الشبكة العنكبوتية أو مقاطع مقترحة للمشاهدة في تطبيقات مثل اليوتيوب والسناب شات والتيك توك بناء على تحليل لبيانات المستخدم الشخصية وفئته العمرية وموقعه الجغرافي أو من خلال مواضيع بحثه السابقة أو المواضيع الأكثر انتشاراً في المجتمع في حينه، وقد لا يتناسب هذا المحتوى مع عمر المستخدم أو قيم المجتمع مما يجعله ضحية لعملية إفساد إلكتروني منظم للأخلاق والقيم أو عرضة للتنمر أو الابتزاز، لذا أصبحت الحاجة ملحة لوجود قيود وضوابط بالإضافة إلى نشر الوعي المجتمعي لهذا الأمر، ولا ينبغي الاكتفاء بتجريم ذلك من الناحية القانونية فقط.
ومما يؤكد أهمية هذا الموضوع وللحد من هذه المخاطر الآنفة الذكر وغيرها مما لم يتسع المقال لسردها ما نشرته وكالة أنباء «بي بي سي» بموقعها الرسمي في سبتمبر 2017م عن خبر إنشاء تحالف بين شركات «فيسبوك» و«جوجل» و«أمازون» يهدف إلى إيجاد حلول للمشكلات المرتبطة بهذه التقنية، وتبني السبل المناسبة لمواجهة مخاطرها المتعددة والمتنوعة فيما يتعلق بالسلامة والخصوصية وغيرها.
(@abolubna95)