وأضاف: وأذكر هنا الرحالة الهولندي «كرستيان سنوك هورخرونيه»، الذي زار جدة عام 1884م، ونشر في كتاب رحلته صورا عن بحارة القوارب فيها وعن بعض الملبوسات، كما قدم معلومات عن حركة البيع والشراء فيها، وعن الحمالين، ووكلاء المطوفين الذين يستقبلون الحجيج فور وصولهم ميناء جدة، وعن تأجير الإبل لحركة النقل من جدة إلى مكة، إلى غير ذلك من الصور والمشاهد التي نأمل أن يثريها المعرض بالمزيد من الوثائق غير المعروفة، هذه اللقطات التاريخية وما يماثلها حينما يقدمها المعرض الهولندي بتجهيزات تقنية عالية، وبنكهة سياحية متميزة، وبأسلوب «التعليم بالترفيه»، فسيكون لها أثر ملموس في جذب الزائر وفي تعميق ثقافة المشاهد وزيادة وعيه التاريخي.
وجهة تراثيةوحول أهمية تطوير مدينة جدة التاريخية والاهتمام بالتراث ودعم السياحة كواجهة تراثية، قال: لمدينة جدة شخصيتها التاريخية المتجذرة في أعماق الماضي، إذ أتاح لها موقعها المتفرد على الطرف الشمالي لمكة المكرمة وعلى ضفاف البحر الأحمر، أن تكون ملتقى لثقافات مختلفة مرت من بوابة جدة في طريقها إلى البلد الحرام، ولم يكن الزمن فيها ساكنا، وإنما كانت تاريخا متحركا أثرى ساكنيها بتجارب الأمم، وأثرى مكانتها بالنشاط الثقافي.
استدعاء التاريخوأوضح أن استثمار التاريخ واستدعاء ملامحه وإحياء معالمه، يُعد اليوم من المقاييس المهمة لحضارة الأرض وإنسانها، فضلا عن قيمته السياحية الجاذبة لكل مَن استعذبوا الرحلات في زوايا المكان وخبايا الزمان، ولئن كانت جدة اليوم تنعم بابتسامتها المشرقة وهي تحتضن ألوانا زاهية من المدنية الحديثة في العصر السعودي الزاهر، فلسوف تفخر وتفاخر بماضيها القريب والبعيد الذي يتهيأ لارتداء أبهى حلله، وقد استهدفته رؤية المملكة 2030 بالعناية والرعاية، كما استهدفت مواقع تاريخية من الوطن العزيز، في بيان حضاري يؤكد عراقة أرض المملكة وحضارتها عبر العصور. جهود رسميةوتابع: اهتمت حكومتنا الرشيدة بهذه المنطقة، إذ أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في يونيو 2018 بإنشاء إدارة باسم إدارة مشروع جدة التاريخية ترتبط بوزارة الثقافة، مع تخصيص ميزانية مستقلة لها، وذلك بناء على ما عرضه سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، وفي مايو 2019 وجه ولي العهد بدعم مشروع ترميم 56 مبنى من المباني الآيلة للسقوط بجدة التاريخية بمبلغ 50 مليون ريال سعودي، كما أطلق مشروع «إعادة إحياء جدة التاريخية» ضمن برنامج تطوير جدة التاريخية، الذي يهدف إلى تطوير المجال المعيشي في المنطقة، لتكون مركزا جاذبا للأعمال والمشاريع الثقافية ومقصدا رئيسا لرواد الأعمال الطموحين.
موقع ثقافي وأضاف: كانت جدة التاريخية على الدوام موقعا للأنشطة الثقافية والترفيهية، التي تنظمها حكومة المدينة، إضافة إلى أنها خيار رئيس للمشاريع الثقافية الجديدة، إذ أعلنت وزارة الثقافة إنشاء متحف موسيقي في ذات المنطقة يحمل اسم الملحن وأحد رواد الأغنية السعودية طارق عبدالحكيم، كذلك إطلاق برنامج «الإقامة الفنية»، الذي تستضيف الوزارة خلاله الفنانين والنقاد السعوديين والعالميين في أماكن إقامة داخل المملكة، وفي فترات محددة بهدف خلق بيئة مناسبة للحوار الثقافي وإقامة العديد من دورات التوعية الاجتماعية والتطوير المهني والتفكير النقدي، كذلك مشاركتها في معرض مشروعات مكة الرقمي، وإنشاء «متحف البحر الأحمر» واحتواؤه على أكثر من 100 عمل فني إبداعي، ويقدم نحو 4 معارض سنوية مؤقتة تتضمن برامج تعليمية لجميع الفئات العمرية، كذلك أصبحت جدة التاريخية منطقة جذب لإثراء المحتوى السينمائي المحلي والعالمي من خلال مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي أول مهرجان سينمائي دولي في المملكة.
«بيت زينل» يعرض الصور والأفلام الوثائقية المعدة منذ بدايات القرن الماضي
المعرض الهولندي يقدم اللقطات التاريخية بتجهيزات تقنية ونكهة سياحية متميزة
استثمار التاريخ وإحياء معالمه وملامحه أهم المقاييس الحضارية والإنسانية
جدة تفخر في العصر السعودي بماضيها القريب والبعيد وتتهيأ لارتداء أبهى حلله